والقبح وغير ذلك وفيه من الدلالة على بطلان زعم من زعم ربوبية عيسى عليه السلام مع تقلبه فى الاطوار ودوره فى فلك هذه الادوار حسبما شاءه الملك القهار وركاكة عقولهم ما لا يخفى وقرأ طاوس تصوركم على صيغة الماضى من التفعل أى اتخذ صوركم لنفسه وعبادته فهو من باب توسد التراب أى اتخذه وسادة فما قيل : كانه من تصورت الشئ بمعنى توهمت صورته فالتصديق أنه توهم محض لا إله إلا هو العزيز الحكيم .
6 .
- كرر الجملة الدالة على نفى الالهية عن غيره تعالى وانحصارها فيه توكيدا لما قبلها ومبالغة فى الرد على من ادعى إلهية عيسى عليه السلام وناسب مجيئها بعد الوصفين السابقين من العالم والقدرة إذ من هذان الوصفان له هو المتصف بالالوهية لا غيره ثم أتى بوصف العزة الدالة على عدم النظير أو التناهى فى القدرة والحكمة لأن خلقهم على ما ذكر من النمط البديع أثر من آثار ذلك وهو الذى أنزل عليك الكتب استئناف لابطال شسبه الوفد وإخوانهم الناشئة عما نطق به القرآن فى نعت المسيح عليه السلام إثر بيان اختصاص الربوبية ومناطها به سبحانه .
قيل : إن الوفد قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ألست أن عيسى كلمة الله تعالى وروح منه قال : بلى قالوا : فحسبنا ذلك فنفى سبحانه عليهم زيفهم وفتنتهم وبين أن الكتاب مؤسس على أصول رصينة وفروع مبنية عليها ناطقة بالحق قاضية ببطلان ما هم عليه كذا قيل ومنه يعلم وجه مناسبة الآية لما قبلها واعترض بأن هذا الاثر لم يوجد له أثر فى الحاح ولا سند يعول عليه فى غيرها وقصارى ما وجد عن الربيع أن المراد بالموصول الآتى الوفد وفيه ان الاثر بعينه أخرجه فى الدر النثور عن أبى حاتم وابن جرير عن الربيع وعن بعضهم أن الآية نزلت فى اليهود وذلك حين مر أبو ياسر بن أخطب فى رجال من يهود برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة ألم ذلك الكتاب فاتى أخاه حى بن أخطب فى رجال من يهود فقال : أتعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه ألم ذلك الكتاب فقال : أنت سمعته قال : نعم فمشى حى فى أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك ألم ذلك الكتاب فقال : بلى فقال : لقد بعث الله تعالى قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبى منهم ما مده ملكه وما أجل أمته غيرك الألف واحدة وللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة هل من هذا غيره قال : نعم المص قال : هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم اربعون والصاد تسعون فهذه مائة وإحدى وستون سنة هل مع هذا عيره قال : نعم الر قال : هذه أثقل وأطول هل مع هذا غيره قال : بلى المر قال : هذه أثقل وأطول ثم قال : لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندرى أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قال : قوموا ثم قال أبو ياسر لأخيه ومن معه : وما يدريكم لعله لقد جمع هذا كله لمحمد فقالوا : لقد تشابه علينا أمره .
وقد أخرج ذلك البخارى فى التاريخ وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما إلا أن فيه فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم وهو مؤذن بعدم الجزم بذلك ومع هذا يبعده ما تقدم من رواية إن الله تعالى أنزل فىشأن أولئك الوفد من مصدر آل عمران إلى بضع وثمانين آية وعلى تقدير الاغماض عن هذا يحتمل أن يكون وجه اتصال الآية بما قبلها أن فى المتشابه خفاءا كما أن تصوير ما فى الأرحام كذلك أو أن فى هذه تصوير الروح بالعلم وتكميلة به وفيما قبلها تصوير الجسد وتسويته فلما أن فى كل منهما تصويرا وتكميلا فى الجملة ناسب