والمبطل وعلى أى تقدير كان فهو مصدر فى الاصل كالغفران اطلق على الفاعل مبالغة إن الذين كفروا بأيت الله يحتمل أن تكون الاضافة للعهد إشارة إلى ما تقدم من آيات الكتب المنزلية ويحتمل أن تكون للجنس فتصدق الآيات على ما يتحقق فى ضمن ما تقدم وعلى غيره كالمعجزات وأضافها إلى الاسم الجليل تعيينا لحيثية كفرهم وتهويلا لا مرهم وتأكيدا لا ستحقاقهم العذاب والمراد بالموصول إما من تقدم فى سبب النزول أو أهل الكتابين أو جنس الكفرة وعلى التقديرين يدخل أولئك فيه دخولا أوليا لهم عذاب شديد ابتداء وخبر فى موضع خبر إن ويجوز أن يرتفع العذاب بالظرف والتنكير للتفخيم ففيه إشارة إلى أنه لا يقدر قدره وهو مناط الحصر المستفاد من تقديم الظرف والتعليق بالموصول الذى هو حكم المشتق يشعر بالعلية وهو معنى تضمنه الشرط وترك فيه الفاء لظهوره فهو أبلغ إذا اقتضاه المقام والله عزيز أى غالب على أمره يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ذو انتقام .
4 .
- افتعال من النقمة وهى السطوة والتسلط يقال : انتقم منه إذا عاقبه بجنايته ومجرده نقم بالفتح والكسر وجعله بعضهم بمعنى كره لا غير والتنوين للتفخيم واختار هذا التركيب على منتقم مع اختصاره لأنه أبلغ منه إذ لا يقال صاحب سيف إلا لمن يكثر القتل لا لمن منه السيف مطلقا والجملة اعتراض تذييلى مقرر للوعيد مؤكد له .
إن الله لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء استئناف لبيان سعة علمه سبحانه وإحاطته بجميع ما فى العالم الذى من جملته إيمان من آمن وكفر إثر بيان كمال قدرته وعظيم عزته وفى بيان ذلك تربية للوعيد وإشارة إلى دليل كونه حيا وتنبيه على أن الوقوف على بعض المغيبات كما وقع لعيسى عليه السلام بمعزل من بلوغ رتبة الصفات الآلهية والمراد من الأرض والسماء العالم بأسره وجعله الكثير مجازا من إطلاق الجزء وإرادة الكل ومن قال : إنه لا يصح فى كل كل وجزء بناءا على اشتراط التركيب الحقيقى وزوال ذلك الكل بزوال ذلك الجزء جعل المذكور كناية لا مجازا وتقديم الأرض على السماء إظهارا للاعتناء بشأن أحوال أهلها واهتماما بما يشير إلى وعيد ذوى الضلالة منهم وليكون ذكر السماء بعد من باب العروج قيل : ولذا وسط حرف النفى بينهما والجملة المنفية خبر لان وتكرير الاسناد لتقوية الحكم وكلمة فى متعلقة بمحذوف وقع صفة لشئ مؤكدة لعمومه المستفاد من وقوعه فى سياق النقى أى لا يخفى عليه شئ ما كائن فى العالم بأسره كيفما كانت الظرفية والتعبير بعدم الخفاء أبلغ من التعبير بالعالم وجوز أبو البقاء الظرف بيخفى .
وقوله تعالى : هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء جملة مستأنفة على الصحيح ناطقة ببعض أحكام قيوميته تعالى مشيرة إلى تقرير علمه مع زيادة بيان لتعلقه بالاشياء قبل وجودها و التصوير جعل الشئ على صورة لم يكن عليها والصورة هيئة يكون عليها الشئ بالتأليف و الأرحام جمع رحم وهى معلومة وكأنها أخذت من الرحمة لأنها مما يتراحم بها ويتعاطف وكلمة فى متعلقة بيصور وجوز أن يكون حالا من المفعول أى يصوركم وأنتم فى الارحام مضغ و كيف فى موضع نصب بيشاء وهو حال والمفعول محذوف تقديره يشاء تصويركم وقيل : كيف ظرف ليشاء والجملة فى موضع الحال أى يصوركم على مشيئته أى مريدا إن كان الحال من الفاعل أو يصوركم متقلبين على مشيئته تابعين لها فى قبول الاحوال المتغايرة من كونكم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم وثم وفى الاتصاف بالصفات المختلفة من الذكورة والانوثة والحسن