الجنس كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه أسم الكتاب دون ما عداه كما يلوح اليه التصريح باسم التوراة والانجيل وفى الاتيان بالظرف وتقديمه على المفعول الصريح واختيار ضمير الخطاب وإيثار على على إلى ما لا يخفى من تعظيمه صلى الله تعالى عليه وسلم والتنويه برفعة شأنه E والجملة إما مستأنفة أو خبر آخر للاسم الجليل أو هى الخبر وما قبل كله اعتراض أو حال الحى القيوم صفة أو بدل وقرأ الاعمش نزل بالتخفيف ورفع الكتاب والجملة حينئذ منقطعة عما قبلها وقيل : متعلقة به بتقدير من عنده بالحق أى بالصدق فى أخباره أو بالعدل كما نص الرافب أو بما يحقق من عند الله تعالى من الحجج القطعية وهو فى موضع الحال أى متلبسا بالحق أو محقا وفى البحر يحتمل أن يمون الباء للسببية أى بسبب إثبات الحق مصدقا حال من الكتاب إثر حال أو بدل من موضع الحال الاول أو حال من الضمير فى المجرور وعلى كل حال فهى حال مؤكدة لما بين يديه أى الكتب السالفة والظرف مفعول مصدقا واللام لتقوية العمل وكيفية تصديقه لما تقدم تقدمت وأنزل التوراة والإنجيل .
3 .
- ذكرهما تعيينا لما بين يديه وتبيينا لرفعة محله بذلك تأكيد لما قبل وتمهيد لما بعد ولم يذكر المنزل عليه فيهما لان الكلام فى الكتابين لا فيمن نزلا عليه والتعبير بأنزل فيهما للإشارة إلى أنه لم يكن لهما إلا نزول واحد وهذا بخلاف القرآن فإن له نزولين نزول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من سماء الدنيا جملة واحدة ونزول من ذلك اليه صلى الله تعالى عليه وسلم منجما فى ثلاث وعشرين سنة على المشهور ولهذا يقال فيه : نزل وأنزل وهذا أولى مما قيل : إن نزل يقتضى التدريج وأنزل يقتضى الإنزال الدفعى إذ يشكل عليه لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة حيث قرن نزل بكونه جملة وقوله تعالى : وقد نزل عليكم فى الكتاب وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما فى تسلسل والالفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة نزل تدل عليه والانزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالانزال الذى قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام .
واختلف فى اشتقاق التوراة والانجيل فقيل : اشتقاق الاول من ورى الزناد إذا قدح فظهر منه النار لانها ضياء ونور بالنسبة لما عدا القرآن تجلو ظلمة الضلال وقيل : من ورى فى كلام إذا عرض لأن فيها رموزا كثيرة وتلويحات جليلة ووزنها عند الخليل وسيبويه فوعلة كصومعة وأصله وورية بواوين فأبدلت الأولى تاءا وتحركت الياء وانفتح ما قبلها ألفا فصارت توراة وكتبت بالياء تنبيها على الأصل ولذلك أميلت وقال الفراء : ومنها تفعلة بكسر العين فأبدلت الكسرة فتحة وقلبت الياء ألفا وفعل ذلك تخفيفا كما قالوا فى توصية توصاة واعترضه البصريون بأن هذا البناء قليل وبأنه يلزم منه زيادة التاء أولا وهى لاتزاد كذلك إلا فى مواضع ليس هذا منها وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها تفعلة بفتح العين فقلبت الياء ألفا وقيل : اشتقاق الثانى من النجل بفتح فسكون وهو الماء الذى ينز من الأرض ومنه النجيل لما ينبت فيه ويطلق على الوالد والولد وهو أعرف فهو ضد كما قاله الزجاج وهو من نجل بمعنى ظهر سمى به لانه مستخرج من اللوح المحفوظ وظاهر منه أو من التوراة وقيل : من النجل وهو التوسعة ومنه عين نجلاء لسعتها لان فيه توسعة ما لم تكن فى التوراة إذ حلل فيه بعض ما حرم فيها وقيل : مشتق من التناجل وهو التنازع يقال تناجل الناس إذا تنازعوا وسمى