على اختصاص استحقاق المعبودية به سبحانه وقد أخرج الطبرانى وابن مردوية من حديث أبى أمامة مرفوعا إن اسم الله الأعظم فى ثلاث سور سورة البقرة وآل عمران وطه وقال ابو أمامة : فالتمستها فوجدت فى البقرة الله لا إله إلا هو الحى القيوم وفى آل عمران الله لا إله إلا هو الحى القيوم وفى طه وعنت الوجوه للحى القيوم .
وقرأ عمر وابن مسعود وأبى وعلقمة الحي القيوم وهذا رد على النصارى الزاعمين أن عيسى عليه السلام كان ربا فقد أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : قدم على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وفد نجران وكانوا ستين راكبا فهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم فكلم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب وعبد المسيح والايهم السيد وهو من النصرانية على دين الملك مع اختلاف أمرهم يقولون : هو الله تعالى هو ولد الله تعالى ويقولون : هو ثالث ثلاثة كذلك قول النصرانية وهم يحتجون لقولهم يقولون : هو الله تعالى فانه كلن يحيى الموتى ويبرى الاسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا ويحتجون فى قولهم إنه ولد الله تعالى : بأنه لم يكن له أب يعلم وقد تكلم فى المهد وصنع ما لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ويحتجون فى قولهم إنه ثالث ثلاثة : إن الله تعالى يقول فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فلو كان واحدا ما قال إلا فعلت وأمرت وخلقت وقضيت ولكنه هو وعيسى ومريم ففى كل ذلك من قولهم نزل القرآن وذكر الله تعالى لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم فيه قولهم فلما كلمه الحبران وهما العاقب والسيد كما فى رواية الكلبى والربيع عن أنس قال لهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : اسلما قالا : قد أسلمنا قبلك قال : كذبتما منكما من الإسلام دعاؤكما لله تعالى ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا : فمن أبوه يا محمد وصمت فلم يجب شيئا فأنزل الله تعالى فى ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فافتتح السورة بتنزيه نفسه مما قالوا وتوحيده إياها بالخلق والأمر لا شريك له فيه ورد عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد واحتج عليهم بقولهم فى صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالتهم فقال : ألم الله لا إله إلا هو الحى القيوم أى ليس معك غيره شريك فى أمره الحى الذى لا يموت وقد مات عيسى عليه السلام فى قولهم : القيوم القائم على سلطانه لا يزول وقد زال عيسى وفى رواية ابن جرير عن الربيع قال : إن النصارى أتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فخاصموه فى عيسى ابن مريم وقالوا له : من أبوه وقالوا على الله تعالى الكذب والبهتان فقال لهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم : ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه قالوا بلى قال : ألستم تعلمون أن ربنا حى لا يموت وأن عيسى يأتى عليه الفناء قالوا : بلى قال : ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شئ يكلؤه ويحفظه ويرزقه قالوا : بلى قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا قالوا : لا قال : الستم تعلمون أن الله تعالى لا يخفى عليه شئ فى الارض ولا فى السماء قالوا : بلى قال : فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما علم قالوا : لا قال : ألستم تعلمون أن ربنا صور عيسى فى الرحم كيف شاء وأن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث قالوا : بلى قال ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذى كما يغذى الصبى ثم كان يأكل الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث قالوا : بلى قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم فعرفوا ثم أبو إلا جحودا فأنزل ألم الله لا إله إلا هو الحى القيوم نزل عليك الكتب أى القرآن الجامع للاصول والفروع ولما كان وما يكون إلى يوم القيامة وفى التعبير عنه باسم الجنس إيذان بتفوقه على بقية الافراد فى الانطواء على كمالات