ظرف لمضمر هو صفة عذابا أي عذابا كائنا يوم الخ وليس ذلك اليوم إلا يوم القيامة وكذا على ما قيل من أنه بدل من عذابا أو ظرف لقريبا وعلى هذا الأخير قيل لا حاجة إلى توجيه القرب لأن العذاب في ذلك اليوم قريب لا فاصل بينه وبين المرء ونظر فيه بأن الظاهر جعل المنذر به قريبا في وقت الإنذار لأنه المناسب للتهديد والوعيد إذ لا فائدة في ذكر قربه منهم يوم القيامة فإذا تعلق به فالمراد بيان قرب اليوم نفسه فتأمل والظاهر أن المرء عام للمؤمن والكافر وما موصولة منصوبة بينظر والعائد محذوف والمراد يوم يشاهد المكلف المؤمن والكافر ما قدمه من خير أو شر وجوز أن تكون ما استفهامية منصوبة بقدمت أي ينظر أي شيء قدمت يداه والجملة معلق عنها لأن النظر طريق العلم والكلام في قوة ينظر جواب ما قدمت يداه وفي الكلام على ما ذكره العلامة التفتازاني تغليب ما وقع بوجه مخصوص على ما وقع بغير هذا الوجه حيث ذكر اليدان لأن أكثر الأعمال تزاول بهما فجعل الجميع كالواقع بهما تغليبا وقرأ ابن أبي إسحاق المرء بضم الميم وضعفها أبو حاتم ولا ينبغي أن تضعف لأنها لغة بعض العرب يتبعون حركة الهمزة فيقولون مرء ومر أو مرء على حسب الأعراب ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا تخصيص لأحد الفريقين اللذين تناولهما المرء فيما قبل منه بالذكر وخص قول الكافر دون المؤمن لدلالة قوله على غاية الخيبة ونهاية التحسر ودلالة حذف قول المؤمنين على غاية التبجح ونهاية الفرح والسرورو وقال عطاء المرء هنا الكافر لقوله تعالى إنا أنذرناكم وكان الظاهر عليه الضمير فيما بعد إلا أنه وضع الظاهر موضعه لزيادة الذم وفيه أن تناول الفريقين هو المطابق لما سبق من صف يوم مفصل لما اشتمل على حالهما وهو الوجه لقوله تعالى فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا وأنا أنذرناكم لا يخص الكافر لأن الإنذار عام للفريقين أيضا فلا دلالة على الأختصاص وقال ابن عباس وقتادة والحسن والمراد به المؤمن قال الإمام دل عليه قول الكافر فما كان هذا بيانا لحال الكافر وجب أن يكون الأول بيانا لحال المؤمن ولا يخفى ما فيه من الضعف كاستدلال الرياشي بالآية على أن المرء لا يطلق إلا على المؤمن وأراد الكافر بقوله هذا ليتني كنت ترابا في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف أو ليتني كنت ترابا في هذا اليوم فلم أبعث وعن ابن عمر وأبي هريرة ومجاهد أن الله تعالى يحضر البهائم فيقتص لبعضها من بعض ثم يقول سبحانه لها كوني ترابا فيعود جميعها ترابا فإذا رأى الكافر ذلك تمنى مثله وإلى حشر البهائم والأقتصاص لبعضها من بعض ذهب الجمهور وسيأتي الكلام في ذلك في سورة التكوين إن شاء الله تعالى وقيل الكافر في الآية إبليس عليه اللعنة لما شاهد آدم E ونسله المؤمنين وما لهم من الثواب تمنى أن يكون ترابا لأنه احتقره لما قال خلقتني من نار وخلقته من طين وهو بعيد عن السياق وإن كان حسنا والتراب على جميع ما ذكر بمعناه المعروف والكلام على ظاهره وحقيقته وجوز لا سيما على الأخير أن يكون المراد بقول ليتني كنت في الدنيا متواضعا لطاعة الله تعالى لا جبارا ولا متكبرا والمعول عليه ما تقدم كما لا يخفى .
سورة النازعات .
وتسمى سورة الساهرة والطامة وهي مكية بالأتفاق وعدد آيها ست وأربعون في الكوفي وخمس وأربعون في غيره وعن ابن عباس أنها نزلت عقب سورة عم وأولها يشبه أن يكون قسما لتحقيق ما في آخر عم أو ما تضمنته كلها وفي البحر لما ذكر سبحانه في آخر ما قبلها الأنذار بالعذاب يوم القيامة أقسم D في هذه على البعث ذلك اليوم فقال جل شأنه