بسم الله الرحمن الرحيم .
والنازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمرا أقسام من الله تعالى بطوائف من ملائكة الموت عليهم السلام الذين ينزعون الأرواح من الأجساد على الأطلاق كما في رواية عن ابن عباس ومجاهد أو أرواح الكفرة على ما أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه وجويبر في تفسيره عن الحبر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وعبد بن حميد عن قتادة وروي عن سعيد بن جبير ومسروق وينشطونها أي يخرجونها من الأجساد من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها ويسبحون في إخراجها سبح الذي يخرج من البحر ما يخرج فيسبقون ويسرعون بأرواح الكفرة إلى النار وبأرواح المؤمنين إلى الجنة فيدبرون أمر عقابها وثوابها بأن يهيؤها لأدراك ما أعد لها من الآلام واللذات ومال بعضهم إلى تخصيص النزع بأرواح الكفار والنشط والسبح بأرواح المؤمنين لأن النزع جذب بشدة وقد أردف بقوله تعالى غرقا وهو مصدر مؤكد بحذف الزوائد أي إغراقا في النزع من أقاصي الأجساد وقيل هو نوع والنزع جنس أي في هذا المحل وذلك أنسب بالكفار وقال ابن مسعود تنزع الملائكة روح الكافر من جسده من تحت شعرة ومن تحت الأظافر وأصول القدمين ثم تغرقها في جسده ثم تنزعها حتى إذا كادت تخرج يردها في جسده مرارا فهذا عملها في الكفار والنشط الأخراج برفق وسهولة وهو أنسب بالمؤمنين وكذا السبح ظاهر في التحرك برفق ولطافة قال بعض السلف أن الملائكة يسلون أرواح المؤمنين سلا رقيقا ثم يتركونها حتى تستريح رويدا ثم يستخرجونها برفق ولطف كالذي يسبح في الماء فإنه يتحرك برفق لئلا يغرق فهم يرفقون في ذلك الأستخراج لئلا يصل إلى المؤمن ألم وشدة وفي التاج أن النشط حل برفق ويقال كما في البحر انشطت العقال ونشطته إذا مددت أنشوطته فانحلت والأنشوطة عقدت يسهل انحلالها إذا جذبت كعقدة التكة فإذا جعلت الناشطات من النشط بهذا المعنى كان أوفق للأشارة إلى الرفق والعطف مع اتحاد الكل لتنزيل التغايل العنواني منزلة التغاير الذاتي كما مر غير مرة للأشعار بأن كل واحد من الأوصاف المعدودة من معظمات الأمور حقيق بأن يكون على حياله مناطا لاستحقاق موصوفة للأجلال والأعظام بالأقسام به من غير الضمام الأخر إليه ولو جعلت النازعات ملائكة العذاب والناشطات ملائكة الرحمة كان العطف للتغاير الذاتي على ما هو الأصل والفاء في الأخيرين للدلالة على ترتبهما على ما قبلهما بغير مهلة وانتصاب نشطا وسبحا وسبقا على المصدرية كانتصاب غرقا وأما انتصاب أمرا فعلى المفعولية للمدبرات لا على نزع الخافض أي بأمر منه تعالى كما قيل وزعم أنه الأولى وتنكيره للتهويل والتفخيم وجوز أن يكون غرقا مصدرا مؤولا بالصفة المشبهة ونصبه على المفعولية أيضا للنازعات أو صفة للمفعول به لها أي نفوسا غرقة في الأجساد وحمل بعضهم غرقها فيها بشدة تعلقها بها وغلبة صفاتها عليها وكان ذلك مبني على تجرد الأرواح كما ذهب إليه الفلاسفة وبعض أجلة المسلمين هذا ولم نقف على نص في أن الملائكة حال قبض الأرواح وإخراجها هل يدخلون في الأجساد أم لا وظاهر تفسير الناشطات أنهم حالة النزع خارج الجسد كالواقف والسابحات دخولهم فيه لأخراجها علىما قيل وأنت تعلم أن السبح ليس على حقيئته ولا مانع من أن يراد به مجرد الأتصال ونحوه مما لا توقف له على الدخول وجوز أن يكون المراد بالسابحات وما بعدها طوائف من الملائكة يسبحون في مضيهم فيسبقون فيه إلى ما أمروا به من الأمور الدنيوية والأخروية فيدبرون أمره من كيفيته وما لا بد منه فيه ويعم ذلك ملائكة الرحمة وملائكة العذاب والعطف عليه لتغاير الموصوفات وأيا ما كان