وابن المنذر عن ابن عمر وروي عن جمع من السلف بيد أنهم قالوا أن كل يوم منه أي هنا مقدار ألف سنة من سني الدنيا وأخرج البزار وابن مردويه والديلمي عن ابن عمر مرفوعا أنه بضع وثمانون سنة كل سنة ثلثمائة وستون يوما واليوم ألف سنة مما تعدون وقيل أربعون سنة وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت فيه حديثا مرفوعا وقال بعض اللغويين سبعون ألف سنة واختار غير واحد تفسيره بالدهر وأيا ما كان فالمعنى لا بثين فيها أحقابا متتابعة كلما مضى حقب تبعه حقب آخر وإفادة التتابع في الأستعمال بشهادة الشتقاق فإنه من الحقيبة وهي ما يشد خلف الراكب والمتتابعات يكون أحدهما خلف الآخر فليس في الآية ما يدل على خروج الكفرة من النار وعدم خلودهم فيها لمكان التتابع في الأستعمال وصيغة القلة لا تنافي عدم التناهي إذ لا فرق بين تتابع الأحقاب الكثيرة إلى ما لا يتناهى وتتابع الأحقاب القليلة كذلك وقيل أن الصيغة هنا مشتركة بين القلة والكثرة إذ ليس للحقب جمع كثرة فليرد بمعونة المقام جمع الكثرة وتعقب بثبوت جمع الكثرة له وهو الحقب كما ذكر الراغب والذي رأيته في مفرداته أن الحقب أب بكسر الحاء وفتح القاف الحقبة المفسرة بثمانين عاما نعم قيل أنه ينافيه ما ورد أنه يخرج أناس من أهل النار من النار ويقربون من الجنة حتى إذا استنشقوا ريحها ورأوا ما أعد الله تعالى لعباده المؤمنين فيها نودوا أن أصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها فيردون إلى النار بحسرة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها وتعقب بأنه أن صح إنما ينافيه لو كان الخروج حقبا تاما أما لو كان في بعض أجزاء الحقب فلا لبقاء تتابع الأحقاب جملة سلمنا لكن هذا الخراج الذي يستعقب الرد لزيادة التعذيب كاللبث في النار أشد والكلام من باب التغليب وليس فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز ثم إن وجد أن في الآية ما يقتضي الدلالة على التناهي والخروج من النار ولو بعد زمان طويل فهو مفهوم معارض بالمنطوق الصريح بخلافه كآيات الخلود وقوله تعالى وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم إلى غير ذلك وأن جعل قوله تعالى لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا حالا من المستكن في لابثين فيكون قيدا للبث فيحتمل أن يلبثوا فيها أحقابا غير ذائقين إلا حميما وغساقا ثم يكون لهم بعد الأحقاب لبث على حال آخر من العذاب وكذا أن جعل أحقابا منصوبا بلا يذوقون قيدا له إلا أن فيه بعدا ومثله لو جعل لا يذوقون فيها الخ صفة لأحقابا وضمير فيها لها لا لجهنم لكنه أبعد من سابقه وقيل المراد بالطاغين ما يقابل المتقين فيشمل العصاة والتناهي بالنظر إلى المجموع وهو كما ترى وقول مقاتل ان ذلك منسوخ بقوله تعالى فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا فاسد كما لا يخفى وجوز أن يكون أحقابا جمع حقب كحذر من حقب الرجل إذا أخطاه الرزق وحقب العام إذا قل مطره وخيره والمراد محرومين من النعيم وهو كناية عن كونهم معاقبين فيكون حالا من ضمير لابثين وقوله تعالى لا يذوقون صفة كاشفة أو جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب وهو على ما ذكر أولا جملة مبتدأة خبر عنهم والمراد بالبرد ما يروحهم وينفس عنهم حر النار فلا ينافي أنهم قد يعذبون بالزمهرير والشراب معروف والحميم الماء الشديد الحرارة والغساق ما يقطر من جلود أهل النار من الصديد أي لا يذوقون فيها شيئا ما من روح ينفس عنهم حر النار ولا من شراب يسكن عطشهم لكن يذوقون ماء حارا وصديدا وفي الحديث أن الرجل منهم إذا أدنى ذلك من فيه سقط فروة وجهه حتى يبقى عظاما تقعقع وعن ابن عباس Bهما أن البرد الشراب البارد المستلذ ومنه قول حسان بن ثابت يسقون من ورد البريص عليهم .
برد يصفق بالرحيق السلسل