وقول الآخر أماني من سعدي حسان كأنما .
سقتك بها سعدي على ظما بردا فيكون ولا شرابا من نفي العام بعد الخاص وقال أبو عبيدة والكسائي والفضل بن خالد ومعاذ النحوي البرم النوم والعرب تسميه بذلك لأنه يبرد سورة العطش ومن كلامهم منع البرد البرد وقال الشاعر فلو شئت حرمت النساء سواكم .
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا أي وهو مجاز في ذلك عند بعض ونقل في البحر عن كتاب اللغات في القرآن أن البرد هو النوم بلغة هذيل وعن ابن عباس وأبي العالية الغساق الزمهرير وهو على ما قيل مستثنى من بردا إلا أنه أخر لتوافق رؤس الآي فلا تغفل وقرأ غير واحد من السبعة غساقا بالتخفيف جزاء أي جوزوا بذلك جزاء فجزاء مفعول مطلق منصوب بفعل مقدر وجعله خبرا آخر لكانت ليس بشيء وقوله تعالى وفاقا مصدر وافقه صفة له بتقدير مضاف أي ذا وفاق أو بتأويله باسم الفاعل أو لقصد المبالغة على ما عرف في أمثاله وأيا ما كان فالمراد جزاء موافقا لأعمالهم على معنى أنه بقدرها في الشدة والضعف بحسب استحقاقهم كما يقتضيه عدله وحكمته تعالى والجملة من الفعل المقدر ومعموله جملة حالية حالية أو مستأنفة وجوز أن يكون وفاقا مصدرا منصوبا بفعل مقدر أيضا أي وافقها وفاقا وهذه الجملة في موضع الصفة لجزاء وقال الفراء هو جمع وفق ولا يخفى ما في جعله حينئذ صفة لجزاء من الخفاء وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة وفاقا بكسر الواو وتشديد الفاء من وفقه يفقه كورثه يرثه وجده موافقا لحاله وفي الكشف وفقه بمعنى وافقه وليس وصف الجزاء به وصفا بحال صاحبه كما لا يخفى وحكى ابن القوطية وفق أمره أي حسن وليس المعنى عليه إنهم كانوا لا يرجون حسابا تعليل لاستحقاق العذاب المذكور أي كانوا لا يخافون أن يحاسبوا بأعمالهم وكذبوا بآياتنا الناطقة بذلك أو به وبغيره مما يجب الإيمان به كذابا أي تكذيبا مفرطا وفعال بمعنى تفعيل في مصدر فعل مطرد شائع في كلام فصحاء العرب وعن الفراء أنه لغة يمانية فصيحة وقال لي أعرابي على جبل المروة يستفتيني الحلق أحب إليك أم القصار ومن تلك اللغة قول الشاعر لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي .
وعن حاجة قضاؤها من شفائيا وقال ابن مالك في التسهيل أنه قليل وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى بخلاف عنه في التخفيف قال صاحب اللوامح وذلك لغة اليمن يجعلون مصدر كذب مخففا بالتخفيف مثل كتب كتابا فكذابا بمعنى كذبا وعليه قول الأعشى فصدقتها وكذبتها .
والمرء ينفعه كذابه والكلام هنا عليه من باب أنبتكم من الأرض نباتا ففعله الثلاثي أما مقدر أي كذبوا بآياتنا وكذبوا كذابا أو هو مصدر للفعل المذكور باعتبار تضمنه معنى كذب الثلاثي فإن تكذيبهم الحق الصريح يستلزم أنهم كاذبون وأيا ما كان يدل على كذبهم في تكذيبهم وجوز أن يكون بمعنى مكاذبة كقتال بمعنى مقاتلة فهو من باب المفاعلة على معنى أن كلا منهم ومن المسلمين اعتقد كذب الآخر بتنزيل ترك الأعتقاد منزلة الفعل لا على معنى أن كلا كذب الآخر حقيقة ويجوز أن تكون المفاعلة مجازا مرسلا بعلاقة اللزوم عن الجد والأجتهاد في الفعل ويحتمل الأستعارة فإنهم كانوا مبالغين في الكذب مبالغة المغالبين فيه وعلى المعنيين كونه بمعنى الكذب وكونه بمعنى المكاذبة يجوز أن يكون حالا بمعنى كاذيبن على اعتبار المشاركة وعدم اعتبارها وقرأ عمر بن عبد العزيز والماجشون كذابا بضم الكاف وتشديد الذال وخرج على أنه جمع كاذب كفساق جمع فاسق فيكون حالا أيضا وكذبوا في حال كذبهم نظير إذا جاء حين يأتي على ما قيل في قول طرفة