عند بعض الطباع أولى بالنساء وللصبيان ولا يرون ذلك بدعا ولا نقصا كل ذلك لمكان الألف والعادة فلا يبعد أن يكون من طباع أهل الجنة في الجنةالميل إلى الحلي مطلقا لا سيما وهم جرد أبناء ثلاثين وقيل أن الأساور إنما تكون لنساء أهل الجنة والصبيان فقط لكن غلب في اللفظ جانب التذكير وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى وسقاهم ربهم شرابا طهورا هو نوع آخر يفوق النوعين السابقين وهما ما مزج بالكافور وما مزج بالزنجبيل كما يرشد إليه إسناد سقيه إلى رب العالمين ووصفه بالطهورقال أبو قلابة يؤتون بالطعام والشراب فإذا كان آخر ذلك أتوا بالشراب الطهور فيطهر بذلك قلوبهم وبطونهم ويفيض عرقا من جلودهم مثل ريح المسك وعن مقاتل هو ماء عين على باب الجنة من ساق شجرة منشرب منه نزع الله تعالى ما كان في قلبه من غش وغل وحسدوما كان في جوفه من قذر واذى أي إن كان فالطهور عليهما بمعنى المطهر وقد تقدم في ذلك كلام فتذكر وقال غير واحد أريد أنه في غاية الطهارة لأنه ليس برجس كخمر الدنيا التي هي في الشرع رجس لأن الدار ليست دار تكليف أو لأنهلم يعصر فتمسه الأيدي الوضرة وتدوسه الأقدام الدنسة ولم يجعل في الدنان والأباريق التي لم يعن بتنظيفها أو لأنه لا يؤل إلى النجاسة لأنه يرشح عرقا من أبدا نهمله ريح كريح المسك وقيل أريد بذلك الشراب الروحاني لا المحسوس وهو عبارة عن التجلي الرباني الذي يسكره عما سوه صفاء ولا ماء ولطف ولا هوا .
ونور ولا نار وروح ولا جسم ولعل كل ما ذكره ابن القارض في خميرته التي لم يفرغ مثلها في كأس إشارة إلى هذا الشراب وإياه عني بقوله سقوني وقالوا لا تغن ولو سقوا .
جبال حنين ماسقوني لغنت ويحكى أنه سئل أبو زيد عن هذه الآية فقال سقاهم شرابا طهرهم به عن محبة غيره ثم قال إن الله تعالى شرابا ادخره لأفاضل عباده يتولى سقيهم فإذا شربوا طاشوا وإذا طاشوا طاروا وإذا طاروا وصلوا وإذا وصلوا اتصلوا فهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر وحمل بعضهم جميع الأشربة على غير المتبادر منها فقال إن الأنوارالفائضة من جواهر أكابر الملائكه وعظمائهم عليهم السلام على هذه الأرواح مشبهة بالماء العذب الذي يزيل العطش ويقوي البدن وكما إن العيون متفاوتة في الصفاء والكثرة والقوة فكذا ينابيع الأنوارالعلوية مختلفة فيعضها كافورية على طبع البرد والييس ويكون صاحب ذلك في الدنيا في مقام الحزن والبكاء والأنقباض وبعضها يكون زنجبيليا على طبع الحر واليبس ويكون صاحبه قليل الألتفات إلى السوى قليل المبالات بالأجسام والجسمانيات ثم لا يزال الروح البشري منتقلا من ينبوع إلى ينبوع ومن نور إلى نور ولا شك أن الأسباب والمسببات متناهية في ارتفاعها إلى واجب الوجود الذي هو النورالمطلق جل جلاله فإذا وصل إلى ذلك المقام وشرب ذلك الشراب انه ضمت تلك الأشربة المتقدمة بل فنيتل أن نور ما سوى الله يضمحل في مقابلة نور جلال الله سبحانه وكبريائه وذلك آخر سير الصديقين ومنتهى درجاتهم في الأرتقاء والكمال ولهذا ختم الله تعالى ذكر ثواب الأبرار بقوله جل وعلا وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذه الذي ذكرمن فنون الكرامات الجليلة الشأن كان لكم جزآء بمقابلة أعمالكم الصالحةالتي اقتض والظاهرأن المجيء بالفعل للتحقيق والدوام وجوز أن يكون المراد كان في علم يوحكي وكذا في قوله تعالى وكان سعيكم مشكوراأي مرضيا مقبولا أو مجازي عليه غير مضيع والكلام على ما روي عن ابن عباس على إضمار القول أي ويقال لهم بعد دخولهم الجنة ومشاهدتهم ما أعد لهم أن هذاالخ والغرض أن يزداد سرورهم فإنه يقال للمعاقب هذا بعملك الرديء فيزداد غمه وللمثاب هذا بطاعتك وعملك الحسن فيزداد سروره ويكون ذلك تهنئة له