وجوز أن يكون خطابا من الله تعالى في الدنيا كأنه سبحانه بعد أن شرح ثواب أهل الجنة قال إن هذا كان في علمي وحكمي جزاء لكم يا معشر عبادي وكان سعيكم مشكورا قيل وهو لا يغني عن الإضمار ليرتبط بما قبله وقد ذكر سبحانه من الجزاء ما تهشله الألباب وأعقبه جل وعلا بما يدل على الرضاالذي هو أعلى وأغلى لدى الأحباب إذا كنت عنييا مني القلب راضيا .
أرى كل من في الكون لي يتبسم وروي من طرق أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ هذه السورة وقد أنزلت عليه وعنده رجل من الحبشة أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة خرجت نفسه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أخرج صاحبكم الشوق إلى الجنة ولما ذكرسبحانه أولا حال الإنسان وقسمه إلى الطائع والعاصي وأمعن جل شأنه فيما أعده للطائع مشيرا إلى عظم سعةالرحمة ذكر ما شرف به نبيه إزالة لوحشته وتقوية لقلبه فقال عز قائلا إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا أي أنزلناه مفرقا منجما في نحو ثلاث وعشرين سنة لحكم بالغة مقتضية له لا غير ناكما يعر بتكريرالضم مع إنسواء كان المنفصل تأكيدا أو فصلا أو مبتدا فاصبر لحكم ربك بتأخير نصرك على الكفار فإن له عاقبة حميدة ولا تطع قلة منك على إذا هم وضجرا من تأخر نصرك منهم آثما أو كفورا قيل إن أولا حد الشيئين في جميع مواقعها ويعرض لها معان أخر كالشكوا لإباحة وغيرهما فيكون أصل المعنى هنا ولا تطع منهم أحد النوعين ولما كان أحد الأغلب عليه غير الإثبات العموم واحتمال غيره احتمال مرجوح صار المعنى على النهي عن إطاعة هذا وهذا ولم يؤت بالواو لاحتمال الكل ام عليها لنهي عن المجموع ويحصل امتثاله بالأنتهاءعن واحد دون الآخر فلا يرد أن تطع أحد النوعين يحصل الأمتثال به بترك إطاعة واحد مع إطاعة الآخر إذ يقال لمن فعل ذلك أنه لم يطع أحدهما ومن هنا قيل إن أو في الإثبات تفيد أحد الأمرين وفي النفي في نفي كلاالأمرين جميع اول ما ذكر في معنى كلام ابن الحاجب حيث قال إن وضع أو لأثبات الحكم لأحد الأمرين إلا أنه إن حصلت قرينة يفهم معها أن أحد الأمرين غير حاجز على الآخر مثل قولك جالس الحسن أو ابن سيرين سمي إباحة وإن حجرف هو لأحد الأمرين واستشكل بعضهم وقوعها في النهي كلاتطع منهم آثما أو كفورا إذ لو انتهى عن أحدهم الم يتمثل ومن ثم حملها بعضهم يعني أبا عبيدة على أنها بمعنى الواو والأولى إن تبقى على بابها وإنما جاء التعميم فيها من وراء ذلك وهو النهي الذي فيه معنى النفي لأن المعنى قبل وجود النهي تطيع آثما أو كفورا أيواحدا منهما فإذا جاءالنهي ورد على ما كان ثابتا في المعنى فيصير المعنى ولا تطع واحدا منهما فيجيء التعميم فيهما من جهة النهي وهي على بابها فيما ذكر لأنه لا يحصل الأنتهاء عن أحدهما حتى ينتهي عنهما بخلاف الإثبات فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر وعليه ما قيل إن إفادة العموم في النفي والنهي في معناه لما أنتقيض الإيجاب الجزئي السلبالكليوقريب من ذلك قول الزجاج أن أو ههنا أوكد من الواو لأنك إذا قلت لا تطع زيدا وعمرا فأطا أحدهما كان غير عاص فغذاأبدلتهم ابا وفقد دللت على أن كل واحد منهما أهل لأن يعصى ويعلم منه النهي عن إطاعتهما معا كما لا يخفى وأفاد جار الله إن أو باقية على حقيقتها وإن النهي عن إطاعتهما جميعاإنما جاء دلالةالنص وهي المسمى مفهوم الموافقة الأولى والمساوي فتأملوالمراد بالآثم والكفور جنسهما وتعليق النهي بذلك مشعر بعلية الوصفين له فلا بد أن يكون النهي عن الإطاعة في الأثم والكفر لا فيما ليس بأثم ولا كفر والمراد ولا تطع مرتكب الأثم الداعي لك إليه أو مرتكب الكفر الداعي إليه أيلا تتبع أحدا من الآثم إذا دعاك إلى الأثم ومن الكفور إذا دعاك إلى الكفر فإنه إذا قيل لا تطع