إلى الحط على الأخير حيث قصد بعمله رؤية من لا تغني رؤيته من لا تغني رؤيته شيئا وترك وجه البصير الحقيقي الذي تغني وتفقر رؤيته عز شأنه .
أيود أحدكم أي أيحب أحدكم وكذلك قرأ عمر رضي الله تعالى عنه في رواية عنه والهمزة فيه للإنكار أن تكون له جنة وقرئ جنات من نخيل وأعناب أي كائنة من هذين الجنسين النفيسين على معنى أنهما الركن والأصل فيها لا على أن لا يكون فيها غيرهما والنخيل قيل : إسم جمع وقيل : جمع نخل وهو إسم جنس جمعي و أعناب جمع عنبة ويقال عنباء فلا ينصرف لألف التأنيث الممدودة وحيث جاء في القرآن ذكر هذين الأمرين فإنما ينص على النخل دون ثمرتها وعلى ثمرة الكرم دون شجرتها ولعل ذلك لأن النخلة كلها منافع ونعمت العمات هي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وأعظم منافع الكرم ثمرته دون سائره وفي بعض الآثار ولم أجده في كتاب يعول عليه إن الله تعالى يقول : أتكفرون بي وأنا خالق العنب و الجنة تطلق على الأشجار الملتفة المتكاثفة وعلى الأرض المشتملة عليها والأول أنسب بقوله تعالى : تجرى من تحتها الأنهر إذ على الثاني يحتاج إلى تقدير مضاف أي من تحت أشجارها وكذا يحتاج إلى جعل إسناد الإحتراق إليها فيما سيأتي مجازيا والجملة في موضع رفع صفة جنة أو في موضع نصب حال منها لوصفها بالجار والمجرور قبل له فيها من كل الثمرت الظرف الأول في محل رفع جبر مقدم والثاني حال من الضمير المستتر في الخبر والثالث نعت لمبتدأ محذوف أي رزق أو ثمر كائن من كل الثمرات وجوز زيادة من على مذهب الأخفش وحينئذ لا يحتاج إلى القول بحذف المبتدأ وعلى التقديرين ليس المراد بالثمرات العموم بل إنما هو الكثير ومن الناس من جوز كون المراد من الثمرات المنافع وهذا يجعل ذكر ذينك الجنسين لعدم إحتواء الجنة على ما سواهما ومنهم من قال : إن هذا من ذكر العام بعد الخاص للتتميم وليس بشئ وأصابه الكبر أي أثر فيه علو السن والشيخوخة وهو أبلغ من كبر والواو للحال والجملة بتقدير قد في موضع نصب علىالحال من فاعل يود أي أيود أحدكم ذلك في هذه الحال التي هي مظنة شدة الحاجة إلى منافع تلك الجنة ومئنة العجز عن تدارك أسباب المعاش وقيل : الواو للعطف ووضع الماضي موضع المضارع كما قاله الفراء أو أول المضارع بالماضي أي لو كانت له جنة وأصابه الكبر وإعترضه أبو حيان بأن ذلك يقتضي دخول الإصابة في حيز التمني وأصابه الكبر لا يتمناها أحد والجواب بأن ذلك غير وارد لما أن الإستفهام للإنكار فهو ينكر الجمع بينهما لا يخفي ما فيه وله ذرية ضعفآء في موضع الحال من الضمير في أصابه أي اصابة الكبر والحال أن له صبية ضعفاء لا يقدرون على الكسب وترتيب معاشه ومعاشهم و الضعفاء جمع ضعيف كشركاء جمع شريك وترك التعبير بصغار مع مقابلة الكبر لأنه أنسب كما لا يخفى وقرئ ضعاف فأصابها إعصار أي ريح تستدير على نفسها وتكون مثل المنارة وتسمى الزوبعة وهي قد تكون هابطة وقد تكون صاعدة خلافا لما يفهمه ظاهر كلام البعض من تخصيصها بالثانية وسبب الأولى أنه إذا إنفصل ريح من سحابة وقصدت النزول فعارضهافي طريق نزولها قطعة من السحاب وصدمتها من تحتها ودفعها من فوقها سائر الرياح بقيت ما بين دافعين دافع من العلو ودافع من السفل فيعرض من الدفعين المتمانعين أن تستدير وربما