ولا ينقص وهي ظاهرة في أنه يزيد في الكيف وإن كان لا يزيد في الكم لكن المكلف به هو الجزم الحاصل بالنظر والإستدلال ويسميه البعض علم اليقين لا الجزم الكائن بالمشاهدة المسمى بعين اليقين فإن في التكليف به حرجا في الدين وأنت تعلم أن في دلالة الآية على زيادة الإيمان ونقصه بناءا على الوجه الذي أشرنا إلى اختياره ترددا كما لا يخفى وفيها أيضا دليل على فضل الخليل E ويمن الضراعة في الدعاء وحسن الأدب في السؤال حيث أراه سبحانه ما سأله في الحال على أيسر ما يكون من الوجوه وأرى عزيرا E ما أراه بعد ما أماته مائة عام .
واعلم أن الله عزيز غالب على أمره حكيم .
260 .
- ذو حكمة بالغة في أفعاله فليس بناء أفعاله على الأسباب العادية لعجزه عن خرق العادات بل لكونه متضمنا للحكم والمصالح حكي أن الله سبحانه لما وفى لإبراهيم E بما سأل قال له : يا إبراهيم نحن أريناك كيف نحي الموتى فأرنا أنت كيف تميت الأحياء مشيرا إلى ما سيأمره به من ذبح ولده E وهو من باب الإنبساط مع الخليل ودائرة الخلة واسعة إلا أن حفاظ المحدثين لم يذكروا هذا الخبر وليس له رواية في كتب الأحاديث أصلا .
ومن باب الإشارة في هذه القصة وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى أي موتى القلوب بداء الجهل قال أو لم تؤمن أي ألم تعلم ذلك علما يقينيا قال بلى أعلم ذلك .
ولكن للعيان لطيف معنى له سأل المشاهدة الخليل وهو المشار إليه بقوله سبحانه : ليطمئن قلبي الذي هو عرشك قال فخذ أربعة من الطير إشارة إلى طيور الباطن التي في قفص الجسم وهي أربعة من أطيار الغيب العقل والقلب والنفس والروح فصرهن إليك أي ضمهن وإذبحهن فإذبح طير العقل بسكين المحبة على باب الملكوت وإذبح طير القلب بسكين الشوق على باب الجبروت وإذبح طير النفس بسكين العشق في ميادين الفردانية وإذبح طير الروح بسكين العجز في تية عزة أسرار الربانية ثم إجعل على كل جبل منهن جزءا فإجعل العقل على جبل العظمة حتى يتراكم عليه أنوار سلطنة البوبية فيصير موصوفا بها ليدركني بي بعد فنائه في وإجعل القلب على جبل الكبرياء حتى ألبسه سناء قدسي فيتيه في بيداء التفكر منعوتا بصرف نور المحبة وإجعل النفس على جبل العزة حتى ألبسها نور العظمة لتصير مطمئنة عند جريان ربوبيتي عليها فلا تنازعني في العبودية ولا تطلب أوصاف الربوبية وإجعل الروح على جبل جمال الأزل حتى ألبسها نور النور وعز العز وقدس القدس لتكون منبسطة في السكر مطمئنة في الصحو عاشقة في الإنبساط راسخة في التجليات ثم أدعهن ونادهن بصوت سر العشق يأتينك سعيا إلى محض العبودية بجمال الأحدية واعلم أن الله عزيز يعزك بعرفانك هذه المعاني وإطلاعك على صفاته القديمة حكيم في ظهوره بغرائب التجلي لأسرار باطنك وقد يقال : أشار سبحانه بالأربعة من الطير إلى القوى الأربعة التى تمنع العبد عن مقام العيان وشهود الحياة الحقيقية ووقع في أثر أنها كانت طاوسا وديكا وغرابا وحمامة ولعل الطاوس إشارة إلى العجب والديك إلى الشهوة والغراب إلى الحرص والحمامة إلى حب الدنيا لإلفها الوكر والبرج وفي أثر بدل الحمامة بطة وفي آخر نسر وكأن الأول إشارة إلى الشره الغالب والثاني إلى طول الأمل ومعنى فصرهن إليك حينئذ ضمهن وأملهن إليك بضبطها ومنعها عن الخروج إلى طلب لذاتها والنزوع إلى مألوفاتها وفي الأثر أنه E أمر بأن يذبحها وينتف ريشها ويخلط لحومها ودماءها بالدق ويحفظ رءوسها عنده أي يمنعها عن أفعالها ويزيل هيآتها عن النفس ويقمع دواعيها وطبائعها وعادتها بالرياضة