ثبوت ذلك لقام أيحكم زيد في الناس ولما كان الوهم قد يتلاعب ببعض الخواطر فتنسب إلى إبراهيم وحاشاه شكا من هذه الآية قطع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دابر هذا الوهم بقوله على سبيل التواضع : نحن أحق بالشك من إبراهي أي نحن لم نشك فلأن لايشك إبراهيم أحرى وقيل : إن الكلام مع أفعل جاء هنا لنفى المعنى عن الحبيب والخليل عليهما الصلاة والسلام أي لا شك عندنا جميعا ومن هذا الباب أهم خير أم قوم تبع أي لا خير في الفريقين وإنما جاء التقرير بعد لأن تلك الصيغة وإن كانت تستعمل ظاهرا في السؤال عن الكيفية كما علمت إلا أنها قد تستعمل أيضا في الاستعجاز كما إذا ادعى مدع أنه يحمل ثقلا من الاثقال وأنت جازم بعجزه عن حمله فتقول له : أرنى كيف تحمل هذا وتريد أنك عاجز عن حمله فأراد سبحانه لما علم براءة الخليل عن الحوم حول حمى هذا المعنى أن ينطقه في الجواب بما يدفع عنه ذلك الاحتمال اللفظى في العبارة الاولى ليكون إيمانه مخلصا بعبارة تنص عليه يفهمها كل من يسمعها فهما لا يتخالجه فيه شك ومعنى الطمأنينة حينئذ سكون القلب عن الجولان في كيفيات الاحياء المحتملة بظهور التصوير المشاهد وعدم حصول هذا الطمأنينة قبل لا ينافى حصول الايمان بالقدرة على الاحياء على أكمل الوجوه ولا أرى رؤية الكيفية زادت في إيمانه المطلوب منه عليه السلام شيئاوإنما أفادت أمر ألا يجب الايمان به ومن هنا تعلم أن عليا كرم الله تعالى وجهه لم يثبت لنفسه مرتبة في الايمان أعلى من مرتبة الخليل فيه بقوله : لو كشفت لى الغطاء ما ازددت يقينا كماظنه جهلة الشيعة وكثير من أصحابنا لما لم يقف على ما حررنا تجشم لدفع ما عسى أن يتوهم من كلامى الخليل والامير من أفضلية الثانى على الأول فبعض دفعه بأن اليقين يتصور أن يطرأ عليه الجحود لقوله تعالى ك وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم والطمأنينة لا يتصور طرو ذلك عليها ونسب هذا لحجة الاسلام الغزالى وفي القلب منه شيء وبعض قرر في دفعة أن مقام النبوة مغاير لمقام الصديقية فلمقام النبوة طمأنينة وعدم طمأنينة بحسبه ولمقام الصديقية طمأنينة وعدم طمأنينة بحسبه ايضا وطمأنينة مقام النبوة كانت لخاتم النبيين صلى الله تعالى عليه وسلم كما كشف عنها بقوله تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل على ما يعرفه أهل الذوق من الآية وكان الاستعداد من إبراهيم وكذا من موسى عليهما السلام متوجها إلى ابتغاء تلك الطمأنينة كما أبانا عن أنفسهما برب أرنى كيف تحي الموتى ورب أرنى أنظر اليك وطمأنينة مقام الصديقية كانت للصديقين من أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كما أبدى عن نفسه إمام الصديقين كرم الله تعالى وجهه بقوله : لو كشف الخ وكان الاستعداد في صديقى سائر الانبياء متوجها إلى ابتغاء تلك الطمأنينة فثبتت الفضيلة لمحمد صلى الله عليه وسلّم على سائر إخوانه من الانبياء والصديقية على سائر الصديقين من أممهم ولم يثبت لصديقيه لوجدانهم طمانينتهم الفضيلة على الانبياء عند فقدانهم طمأنينتهم لأن ما فقدوه من الطمأنينة غير ما وجىه الصديقون منها لأنهم إنما يفقدون الطمأنينة اللائقة بمقام النبوة والصديقون لم يجدوا مثل تلك الطمأنينة وإنما وجدوا طمأنينة لائقة بمقام الصديقين ولو رضي النبيون بمثله لكان حاصلا لهم وأجل من ذلك بعدة مراتب ولقد اعترف الصديق الأكبر دضى الله تعالى عنه بهذا التخلف حين بلغه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : إنى لأسهو فقال : ياليتني كنت سهو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم إذ علم أن ما بعده رسول الله A من نفسه الكريمة سهوا فوق أعلى يقظان الصديق إذ حسنات الابرار سيآت المقربين وحسنات المقربين سيآت النبيين وهذا أولى مما سبق وبعض من المتصوفة كجهلة الشيعة التزموا ظاهر كل من الكلامين وزعموا أن أولياء هذه الامة وصديقيهم أعلى كعبا من الانبياء ولو نالوا مقام الصديقية