المعنى الظاهر ولنجعلك آية أي دليلا للناس بعثناك وانظر إلى العظام من القوى كيف ننشزها ونرفعها عن أرض الطبيعة ثم نكسوها لحما وهو العرفان الذي يكون لباسا لها وعبر عنه باللحم لنموه وريادته كلما تغذت الروح بأطعمة الشهود وأشربة الوصال والمعنى الظاهر ظاهر فلما تبين ووضح له ذلك قال أعلم علما مستمرا إن الله على كل شيء ومن جملته ما كان قدير لا يستعصى عليه ولا يعجزه وإذ قال إبراهيم بيان لتسديد المؤمنين إثر بيان ولمغايرته لما تقدم كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى غير الأسلوب والظرف منتصب إما بمضمر صرح بمثله في قوله تعالى : واذكروا إذ جعلكم خلفاء وإيجاب ذكر الوقت إيجاب لذكر ما فيه بطريق برهانى وإما بقال الآتى وقد تقدم تحقيق ذلك رب كلمة استعطاف شرع ذكرها قبل الدعاء مبالغة في استعداد الإجابة أرنى من الرؤية البصرية المتعدية بهمزة النقل إلى مفعولين فالباء مفعوله الأول وقوله تعالى : كيف تحي الموتى في محل مفعوله الثانى المعلق عنه وإلى ذلك ذهب أكثر المعربين واعترض بأن البصرية لا تعلق وأجيب بأن ذلك إنما ذكره بعض النحاة ورده ابن هشام بأنه سمع تعليقها وفى شرح التوضيح يجوز كونها علمية ومن الناس من لم يجعل ما هنا من التعليق في شيء وجعل كلمة كيف الخ في تأويل مصدر هو المفعول كما قاله ابن مالك في قوله تعالى : وتبين لكم كيف فعلنا بهم ثم الاستفهام بكيف إنما هو سؤال عن شيء متقرر الوجود عند السائل والمسؤل فالاستفهام هنا عن هيئة الإحياء المتقرر عند السائل أي بصرنى كيفية إحيائك للموتى وإنما سأله عليه السلام لينتقل من مرتبة علم اليقين إلى عين اليقين وفى الخبر ليس الخبر كالمعانية وكان ذلك حين رأى جيفة تمزقها سباع البر والبحر والهواء قاله الحسن والضحاك وقتادة وهو المروى عن أهل البيت وروى عن ابن عباس والسدى وسعيد بن جبير أن الملك بشره عليه السلام بأن الله تعالى قد اتخذه خليلا وأنه يجيب دعوته ويحي الموتى بدعائه فسأله لذلك وروى عن محمد بن إسحق بن يسار أن سبب السؤال منازعة النمروذ إياه في الاحياء حيث رد عليه لما زعم أن العفو إحياء وتوعده بالقتل إن لم يحى الله تعالى الميت بحيث يشلهده فدعا حينئذ قال استئناف مبنى على السؤال والضمير للرب أو لم تؤمن عطف على مقدر أي ألم تعلم ولم تؤمن بأنى قادر على الاحياء كيف أشاء حتى تسألنى عنه أو بأنى قد اتخذتك خليلا أو بأن الجبار لا يقتلك قال أي إبراهيم بلى آمنت بذلك ولكن سألت ليطمئن أي يسكن قلبي بمضامة الأعيان إلى الإيمان والإبقان بأنك قادر على ذلك أو ليطمئن قلبى بالخلة أو بأن الجبار لا يقتلنى وعلى كل تقدير لا يعود نقص على إبراهيم من هذا السؤال ولا ينافى منصب النبوة أصلا وللناس ولوع بالسؤال عن هذه الآية : وما ذكر هو المشهور فيها ويعجبنى ما حرره بعض المحققين في هذا المقام وبسطه في الذب عن الخليل عليه السلام من الكلام وهو أن السؤال لم يكن عن شك في أمر دينى والعياذ بالله ولكنه سؤال عن كيفية الاحياء ليحيط علما بها وكيفية الإحياء لا يشترط في الإيمان الاحاطة بصورتها فالخليل عليه السلام طلب علم ما لا يتوقف الايمان على علمه ويدل على ذلك ورود السؤال بصيغة كيف وموضوعها السؤال عن الحال ونظير هذا أن يقول القائل : كيف يحكم زيد في الناس فهو لا يشك أنه يحكم فيهم ولكنه سأل عن كيفية حكمه المعلوم ثبوته ولو كان سائلا عن