من بعض الأجرام العلوية صغيرة ثم تكونت فوقها طبقة وهكذا حتى صار المجموع سبعا وزعم أنهم شاهدوا بين كل طبقة وطبقة آثارا من مخلوقات مختلفة وقال أبو صالح : هي في كونها سبعا لا غير فهي سبع أرضين منبسطة بعضها فوق بعض يفرق بينها البحار ويظل جميعها السماء وروي ذلك عن ابن عباس فالنسبة بين أرض وأرض على هذا نحو نسبة أمريقيا إلى آسيا أو أوربا أو أفريقيا لكن قيل : إن تلك البحار الفارقة لا يمكن قطعها .
وقيل : من الأقاليم السبعة وهي مختلفة الحرارة والبرودة والليل والنهار إلى أمور أخر واختاره بعضهم ولا أظنه شيئا لأن المتبادر اعتبار انفصال أرض عن أرض انفصالا حقيقيا في المثلثية وقيل : المثلثية في الخلق لا في العدد ولا في غيره في أرض واحدة مخلوقة كالسماوات السبع وأيد بأن الأرض لم تذكر في القرآن إلا موحدة ورد بأنه قد صح مكن رواية البخاري وغيره اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن الحديث وكذا صح من غصب قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين وأصح الأقوال كما قال القرطبي قول الجمهور السابق وعليه اختلف في مشاهدة ما عدا هذه الأرض السماء واستمدادهم الضوء منها فقيل : إنهم يشاهدونالسماء من كل جانب من أرضهم ويستمدون الضياء منها .
وقيل : إنهم لا يشاهدون السماء وأن الله D خلق لهم ضياءا يشاهدونه وروي الإمامي عن بعض الأئمة نحوا مما قاله الجمهور أخرج العياشي بإسناده عن الحسين بن خالد عن أبي الرضا رضي الله تعالى عنه قال : بسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال : هذه الأرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقهاقبة حتى ذكر الرابعة والخامسة والسادسة فقال : والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقهاقبة وعرش الرحمن فوق السماء السابعة وهو قوله عالى : سبع سماوات ومن الأرض مثلهن الخ .
وأنا أقول بنحو ما قاله الجمهور راجيا العصمة ممن على محور إرادته تدور أفلاك الأمور : هي سبع أرضين بين كل أرض وأرض منها مسافة عظيمة وفي كل أرض خلق لا يعلم حقيقتهم إلا الله D ولهم ضياء يستضيئون به ويجوز أن يكون عندهمليل ونهار ولا يتعين أن يكون ضيهؤهم من هذه الشمس ولا من هذا القمر وقد غلب على ظن أكثر أهل الحكمة الجديدة أن القمر عالم كعالم أرضنا هذه وفيه جبال وبحار يزعمون أنهم يحسون بها بواسطة أرصادهم وهم مهتمون بالسعي في تحقيق الأمر فليكن ما نقول به من الأرضين على هذا النحو وقد قالوا : أيضا إن هذه الشمس في عالم هي مركز دائرته وبلقيس مملكته بمعنى أن جميع ما فيه من كواكبهم السيارة تدور عليها فيه على وجه مخصوص ونمط مضبوط وقد تقرب إليها فيه وتبعد عنها إلى غاية لا يعلمها إلا الله تعالى كواكب ذوات الأذناب وهي عندهم كثيرة جداتتحرك على شكل بيضي وأن الشمس بعالمها من توابع كوكب تتدور عليه دوران توابعها من السيارات عليها هو فيما نسمع أحد كواكب النجم ولهم ظن في أن ذلك أيضا من توابع كوكب آخر وهكذا وملك الله تعالى العظيم عظيم لا تكاد تحيط به منطقة الفكر ويضيق عنه نطاق الحصر وسماء كل عالم كالقمر عندهم ما انتهى إليه هوؤه حتى صار ذلك الجرم في نحو خلاء فيه لا يعارضه ولا يضعف حركته شيء والجسم متى تحرك في خلاء لا يسكن لعدم المعارض فليكن كل أرض من هذه الأرضين محمولة بيد القدرة بين كل سماءين على نحو ما سمعتت عن الرضا على آبائه وعليه السلام