إنه تعالى لهصفات عدمية مثل لا شريك له وتسمى صفات الجلال لما أنها تؤدي بجل عن كذا جل عنكذا وصفات وجودية كالحياة والعلم وتسمى صفات الإكرام وفيه تأمل .
والظاهر أن ذو صفة للوجه ويتضمن الوصف بما ذكر على ما ذكره البعض الإشارة إلى أن فناء من عليها لا يخل بشأنه D لأنه الغني المطلق والإشارة إلى أنه تعالىبعد فنائهم يفيضعلى الثقلين من آثار كرمه ما يفيض وذلك يوم القيامة ووصف الوجه بما وصف يبعدكونه عبارة عن العمل الصالح أو الجهة على ما سمعت آنفاوكأنمن يقول بذلك يقول : ذو خبر مبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى الرب وهو في الأصل صفة له ثم قطعت عن التبعية ويؤيده قراءة أبي وعبد الله ذيالجلال بالياء على أنه صفة تابعة للرب وذكر الراغب أن هذا الوصف قد خص به D ولم يستعمل في غيره فهو من أجل أوصافه سبحانه ويشهد له ما رواهالترمذي عن أنس والإمام أحمد عن ربيعة بن عامر مرفوعا ألظوا بيان الجلال والإكرام أي ألزموه وأثبتوا عليهوأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم وروي الترمذي وأبو داود والنسائي عن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ورجل يصلي ثم دعا فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : لأصحابه أتدرون بما دعا قالوا : الله ورسوله أعلم قال : والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظمالذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى .
فبأي آلاء ربكماتكذبان .
28 .
- مما يتضمنه ما ذكر فإن الفناء باب للبقاء والحياة الأبدية والإثابية بالنعمة السرمدية وقال الطيبي : المراد من الآية السابقة ملزوم معناها لأنها كناية عن مجيء وقت الجزاء وهو من أجل النعم ولذلك خص الجلال والإكرام بالذكر لأنهما يدلان على الإثابة والعقاب المراد منها تخويف العباد وتحذيرهم من ارتكاب ما يترتب عليه العقاب والتحذير من مثل ذلك نعمة فلذا رتب عليها بالفاء قوله تعالى : فبأي آلاء الخ وليس بذاك يسئله منفي السماوات والأرض قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم حدوثاوبقاءاوفي سائر أحوالهم سؤالامستمرابلسان المقال أو بلسانالحال فإنهمكافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل من استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلاقة لم يشموا رائحة الوجود أصلا في كل آن سائلون .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنأبي صالح يسأله من في السماوات الرحمة ومن في الأرض المغفرة والرزق وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج يسأله الملائكة عليهم السلام الرزق لأهل الأرض والمغفرة ز وأهل الأرض يسألونهما جميعاوما تقدم أولى ولا دليل على التخصيص .
والظاهر أن الجملة استئناف وقيل : هي حال من الوجه والعامل فيها يبقى أي هو سبحانه دائم في هذه الحال ولا يخفى حاله على ذي تمييز كل يوم كل وقت من الأوقات ولحظة من اللحظات .
هو في شأن .
29 .
- من الشؤن التي من جملتها إعطاء ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشيء أشخاصا وينفي آخرين ويأتي بأحوال ويذهببأحوال حسبما تقتضيه مشيئته D المبنية على الحكم البالغة وأخرج البخاري فيتاريخه وابن ماجه وابنحبان وجماعة عن أبيالدرداء عن النبي صأنه قال في هذه الآية : من شأنه