السؤال لتقوية العلم وهذا بناءا على أن القوم كانوا مؤمنين وفي بعض الروايات ما يقتضي أنهم لم يكونوا آمنوا به حينئذ فعن السدي أن هذا النبي كان قد كفله شيخ من علماء بني إسرائيل فلما أراد الله تعالى أن يبعثه نبيا أتاه جبريل وهو غلام نائم إلى جنب الشيخ وكان لا يأمن عليه غيره فدعاه بلحن الشيخ فقام فزعا إلى الشيخ فقال : ياأبتاه دعوتني فكره الشيخ أن يقول لا فيفزع فقال : يا بني أرجع فنم فرجع فنام فدعاه الثانية فأتاه الغلام أيضا فقال : دعوتني فقال : أرجع فنم فإن دعوتك الثلثة فلا تجبني فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال له : أذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك فإن الله تعالى قد بعثك فيهم نبيا فلما أتاهم كذبوه وقالوا : أستعجلت بالنبوة ولم يأن لك وقالوا : إن كنت صادقا فأبعث لنا ملكا ثم جرى ما جرى فقال : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا فقالوا : ما كنت قط أكذب منك الساعة وأعترضوا وأجيبوا ثمقالوا إن كنت صادقا فأتنا بآيةأن هذا ملك فقال : ما قص الله تعالى وحينئذ لا يبعد أن يكون الإستفهام المصرح به في الآية وكذا الطلب المرموز إليه فيها صادرا عن إنكار وعدم إيقان ووجه ترك ذكر سؤالهم حينئذ إن كان الإشارة إلى أن من شأن الأنبياء الإتيان بالآيات وإن لم تطلب منهم جليا للشارد وتقييدا للوارد وليزدادوا الذين آمنوا هدى والتابوت الصندوق وهو فعلوت من التوب وهو الرجوع لما أنه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه وصاحبه يرجع إليه فيما يحتاجه من مودعاته فتاؤه مزيدة كتاء ملكوت وأصله توبوت فقلبت الواو ألفا وليس بفاعول من التبت لقلة ما كان فاؤه ولامه من جنس واحد كسلس وقلق وقريء تابوه بالهاء وهي لغة الأنصار والأولى لغة قريش وهي التي أمر عثمان رضي الله تعالى عنه بكتابتها في الإمام حين ترافع لديه في ذلك زيد وأبان رضي الله تعالى عنهما ووزنه حينئذعلى ما أختاره الزمخشريفاعلو لأن شبهة الإشتقاق لا تعارض زيادة الهاء وعدم النظير وأما جعل الهاء بدلا من التاء لإجتماعهما في الهمسوأنهما من حروف الزيادةفضعيف لأن الإبدال في غير تاء التأنيث ليس بثبيت وذهب الجوهري إلى أن التاء فيه للتأنيث وأصله عنده تابوة مثل ترقوة فلما سكنت الواو إنقلبت هاء التأنيث تاءا والمراد به صندوق كان يتبرك به بنو إسرائيل فذهب منهم وأختلف في تحقيق ذلك فقال : أرباب الأخبار هو صندوق أنزله الله تعالى على آدم عليه السلام فيه تماثيل الأنبياء جميعهم وكان من عود الشمشاذ نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين ولم يزل ينتقل من كريم إلى كريم حتى وصل إلى يعقوب ثم إلى بنيهثم وثمإلى أن فسد بنو إسرائيل وعصوا بعد موسى عليه السلام فسلط الله تعالى عليهم العمالقة فأخذوه منهم فجعلوه في موضع البول والغائط فلما أراد الله تعالى أن يملك طالوت سلط عليهم البلاء حتى أن كل من أحدث عنده أبتلى بالبواسير وهلكت من بلادهم خمس مدائن فعلموا أن ذلك بسبب إستهانتهم به فأخرجوه وجعلوه على ثورين فأقبلا يسيران وقد وكل الله تعالى بهما أربعة من الملائكة يسوقونهما حتى أتوا منزل طاولت .
وروى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه صندوق التوراة وكان قد رفعه الله تعالى إلى السماء سخطا على بني إسرائيل لما عصوا بعد وفاة موسى عليه السلام فلما طلبت الآية أتى من السماء والملائكة يحفظونه وبنو إسرائيل يشاهدون ذلك حتى أنزلوه في بيت طالوت وعن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أنه التابوت الذي أنزل على أم موسى فوضعته فيه وألقته في البحر وكان عند بني إسرائيل يتبركون به إلى أن فسدوا فجعلوا يستخفون به فرفعه الله تعالى إلى أن كان ما كان وروى غير ذلك مما يطول وأقرب الأقوال التي رأيتها أنه صندوق التوراة تغلبت عليه العمالقة حتى رده الله تعالى وأبعدها أنه صندوق نزل من السماء على آدم عليه السلام وكان