يتحاكم الناس إليه بعد موسى عليه السلام إذا أختلفوا فيحكم بينهم ويتكلم معهم إلى أن فسدوا فأخذه العمالقة ولم أر حديثا صحيحا مرفوعا يعول عليه يفتح قفل هذا الصندوق ولا فكرا كذلك فيه سكينة من ربكم أي في إتيانه سكون لكم وطمأنينة فالسكينة مصدر حينئذ أو فيه نفسه ما تسكنون إليه وهو التوراة وقيل : وليس بالصحيحكما قاله الراغبصورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها وجناحان فتئن فيزف التابوت نحو العدو وهم يمضون معه فإذا أستقر ثبتوا وسكنوا ونزل النصر والجملة في موضع الحال و من لإبتداء الغاية أو للتبعيض أي من سكينات ربكم .
وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون هي رضاض الألواح وثياب موسى وعمامة هرون وطست من ذهب كانت تغسل به قلوب الأنبياء وكلمة الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم وسبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين وآلهما أتباعهما أو أنفسهما أو أنبياء بني إسرائيل لأنهم أبناء عمهما تحمله الملائكة حال من التابوت والحمل إما حقيقة أو مجاز على حد .
حمل زيد متاعي إلى مكة .
إن في ذلك إشارة إلى ما ذكر من إتيان التابوت فهو من كلام النبي لقومه أو إلى نقل القصة وحكايتها فهو إبتداء خطاب منه تعالى للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من المؤمنين وجيء به قبل تمام القصة إظهارا لكمال العناية وإفراد حرف الخطاب مع تعدد المخاطبين على النقديرين بتأويل الفريق ونحوه لأية عظيمة كائنة لكم دالة على جعل طالوت ملكا عليكم أو على نبوة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم حيث أخبر بما أخبر من غير سماع من البشر ولا أخذ من كتاب إن كنتم مؤمنين أي مصدقين بتمليكه عليكم أو بشيء من الآيات و إن شرطية والجواب محذوف إعتمادا على ما قبله وليس المقصود حقيقة الشرطية إذا كان المخاطب من تحقق إيمانه وقيل : هي بمعنى إذ فلما فصل طالوت بالجنود أي أنفصل عن بيت المقدس مصاحبا لهم لقتال العمالقة وأصله فصل نفسه عنه ولما أتحد فاعله ومفعوله شاع إستعماله محذوف المفعول حتى نزل منزلة القاصركأنفصلوقيل : فصل فصولا وجوز كونه أصلا برأسه ممتازا من المتعدي بمصدره كوقف وقوفا ووقفه وقفا وصد عنه صدودا أو صده صدا وهو باب مشهور والجنود الأعوان والأنصار جمع جند وفيه معنى الجمع وروى أنه قال لقومه : لا يخرج معي رجل بنى بناءا لم يفرغ منه ولا تاجر مشتغل بالتجارة ولا متزوج بأمرأة لم يبن عليها ولا أبتغى إلا الشاب النشيط الفارغ فأجتمع إليه ممن أختاره ثمانون ألفا وقيل : سبعون ألفا وكان الوقت قيظا فسلكوا مفازة فسألوا نهرا قال إن الله مبتليكم أي معاملكم معاملة من يريد أن يختبركم ليظهر للعيان الصادق منكم والكاذب بنهر بفتح الهاء وقريء بسكونها وهي لغة فيه وكان ذلك نهر فلسطين كما روى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وعن قتادة والربيع أنه نهر بين فلسطين وازدن فمن شرب منه أي إبتدأ شربه لمزيد عطشه من نفس النهر بأن كرع لأنه الشرب منه حقيقة وهذا كثيرا ما يفعله العطشان المشرف على الهلاك وقيل : الكلام على حذف مضاف أي فمن شرب من مائة مطلقا فليبس مني أي من أشياعي أو ليس بمتصل بي ومتحد معي فمن إتصالية وهي غير التبعيضية عند بعض وكأنها بيانية هنده وعينها عند آخرين