زيادة إن وأن العمل لا ينافيها والجملة نصب على الحال كما في الشائع وقيل : إنه على حذف الواو ويؤول إلى مالنا ولأن لا نقاتل كقولك : إياك وأن تتلكم وقد يقال : إياك أن تتكلم والمعنى علىالواو و قيل : إن ما هنا نافية أي ليس لنا ترك القتال وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا في موضع الحال والعامل نقاتل والغرض الأخبار بأنهم يقاتلون لا محالة إذ قد عرض لهم ما يوجب المقاتلة إيجابا قويا وهو الإخراج عن الأوطان والإغتراب من الأهل والأولاد وإفراد الأبناء بالذكر لمزيد تقوية أسباب القتال وهو معطوف على الديار وفيه حذف مضاف عند أبي البقاء أي ومن بين أبنائنا وقيل : لا حذف والعطف على حد .
علقتها تبنا وماءا باردا .
وفي الكلام إسناد ما للبعض للكل إذ المخرج بعضهم لا كلهم .
فلما كتب عليهم القتال بعد سؤال النبي وبعث الملك تولوا أعرضوا وضيعوا أمر الله تعالى ولكن لا في إبتداء الأمر بل بعد مشاهدة كثرة العدو وشوكته كما سيجيء وإنما ذكر ههنا مآل أمرهم إجمالا إظهار لما بين قولهم وفعلهم من التنافي والتباين إلا قليلا منهم وهم الذين جاوزوا النهر وكانوا ثلثمائة وثلاثة عشرة عدة أهل بدر على ما أخرجه البخاري عن البراء رضي الله تعالى عنه والقلة إضافية فلا يرد وصف هذا العدد أحيانا بأنه جم غفير والله عليم بالظالمين 642 ومنهم الذين ظلموا بالتولي عن القتال وترك الجهاد وتنافت أقوالهم وأفعالهم والجملة تذييل أريد منها الوعيد على ذلك وقال لهم نبيهم شروع في التفصيل بعد الإجمال أي قال بعد أن أوحي لهم ما أوحي إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا يدبر أمركم وتصدرون عن رأيه في القتال و طالوت فيه قولان أظهرهما أنه علم أعجمي عبريكداؤدولذلك لم ينصرف وقيل : إنه عربي من الطول وأصله طولوتكرهبوت ورحموتفقلبتالواو ألفالتحركها وإنفتاح ما قبلها ومنع صرفه حينئذ للعلمية وشبه العجمة لكونه ليس من أبنية العرب وأما إدعاء العدل عن طويل والقول بأنه عبراني وافق العربي فتكلف و ملكا حال من طالوت أخرج إبن أبي حاتم عن السدي أننبيهملما دعا ربه أن يملكهم أتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طاولت وأخرج إبن إسحاق وإبن جرير عن وهب بن منبه أنه لما دعا الله تعالى قال له : أنظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي فيه فهو ملك بني إسرائيل فأدهن رأسه منه وملكه عليهم فأقام ينتظر متى يدخل ذلك الرجل عليه وكان طالوت رجلا دباغا يعمل الأدم وقيل : كان سقاءا وكان من سبط بنيامين بن يعقوب عليه السلام ولم يكن فيهم نبوة ولا ملك فخرج طالوت في إبتغاء دابة له ضلت ومعه غلام فمرا ببيت النبي فقال غلام طالوت له : لو دخلت بنا على هذا النبي فسألناه عن أمر دابتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير فقال طالوت : ما بما قلت من بأس فدخلا عليه فبينما هو عنده يذكر له شأن دابته ويسأله أن يدعو له إذ نش الدهن الذي في القرن فقام إليه النبي فأخذه ثم قال لطالوت : قرب رأسك فقربه فدهنه منه ثم قال : أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله تعالى أن أملكك عليهم فجلس عنده وقال الناس : ملك طالوت فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم مستغربين ذلك حيث لم يكن من بيت النبوة ولا الملك .
قالواا أنى يكون له الملك علينا أي من أين يكون أو كيف يكون له ذلك وألإستفهام حقيقي أو للتعجب