نقاتل في سبيل الله مجذوم بالأمر وقريء بالرفع على أنه حال مقدرة أي أبعثه لنا مقدرين القتال أو مستأنف إستئنافا بيانيا كأنه قيل : فماذا تفعلون مع الملك فأجيب نقاتل وقريء يقاتلبالياءمجزوما ومرفوعا على الجواب للأمر والوصف لملكاوسبب طلبهم ذلك على ما في بعض الآثار أنه لما مات موسى خلفه يوشع ليقيم فيهم أمر الله تعالى ويحكم بالتوراة ثم خلفه كالب كذلك ثم حزقيل كذلك ثم إلياس كذلك ثم اليسع كذلك ثم ظهر لهم عدو وهم العمالقة قوم جالوتوكانوا سكان بحر الرومبين مصر وفلسطين وظهروا عليهم وغلبوا على كثير من بلادهم وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين وضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم ولم يكن لهم نبي إذ ذاك يدبر أمرهم وكان سبط النبوة قد هلكوا إلا أمرأة حبلى فولدت غلاما فسمته أشمويل ومعناه إسمعيل وقيل : شمعون فلما كبر سلمته التوراة وتعلمها في بيت المقدس وكفله شيخ من علمائهم فلما كبر نبأه الله تعالى وأرسله إليهم فقالوا : إن كنت صادقافأبعث لنا ملكاالآية وكان قوام أمر بني إسرائيل بالإجتماع عل ىالملوك وطاعة أنبيائهم وكان الملك هو الذي يسير بالجموع والنبي هو الذي يقيم أمره ويرشده ويشير عليه قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا عسى من النواسخ وخبرها أن لا تقاتلوا وفصل بالشرط إعتناءا به والمعنى هل قاربتم أن لا تقاتلوا كما أتوقعه منكم والمراد تقرير أن المتوقع كائن وتثبيته على ما قيل وأعترض بأن عسيتم أن لا تقاتلوا معناه توقع عدم القتال وهل لا يستفهم بها إلا عما دخلته فيكون الإستفهام عن التوقع لا المتوقع ولا يلزم من تقرير الإستفهام أن المتوقع ثابت بل إن التوقع كائن وأين هذا من ذاك ! وأجيب بأن الإستفهام دخل على جملة مشتملة على توقع ومتوقع ولا سبيل إلى الأول لأن الرجل لا يستفهم عن توقعه فتعين أن يكون عن المتوقع ولما كان الإستفهام على سبيل التقرير كان المراد أن المتوقع كائن وقيل : لما كانت عسى لإنشاء التوقع ولا تخرج عنه جعل الإستفهام التقريري متوجها إلى المتوقع وهو الخبر الذي هو محل الفائدة فقرره وثبته وكون المستفهم عنه يلي الهمزة ليس أمرا كليا وقيل : إن عسى ليست من النواسخ وقد تضمنت معنى قارب وأن وما بعدها مفعول لها وهذا معنى قول بعضهم : إنها خبر لا إنشاء وأستدل على ذلك بدخول الإستفهام عليها ووقوعها خبرا في قوله : .
لا تكسرن إني عسيت صائما .
ولا يخفى ما فيه وإنما ذكر في معرض الشرط كتابة القتال دون ما ألتمسوه مع أنه أظهر تعلقا بكلامهم مبالغة في بيان تخلفهم عنه فإنهم إذا لم يقاتلوا عند فرضية القتال عليهم بإيجاب الله تعالى فلأن لا يقاتلوا عند عدم فرضيته أولى ولأن ما ذكروه ربما يوهم أن سبب تخلفهم هو المبعوث لا نفس القتال ويحتمل أنه أقام هذا مقام ذلك إيماءا إلى أن ذلك البعث المترتب عليه القتال إذا وقع فإنما يقع على وجه يترتب عليه للفرضية وقريءعسيتمبكسر السين وهي لغة قليلة قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله أي ما الداعي لنا إلى أن لا نقاتل أي إلى ترك القتال والجار والمجرور متعلق بما تعلق به لنا أو به نفسه وهو خبر عن ما ودخلت الواو لتدل على ربط هذا الكلام بما قبله ولو حذفت لجاز أن يكون منقطعا عنهقاله أبو البقاءوجوز أن تكون عاطفة على محذوف كأنهم قالوا عدم القتال غير متوقع مناوما لنا أن لا نقاتلوإنما لم يصرحوا به تحاشيا عن مشافهة نبيهم بما هو ظاهر في رد كلامه والشائع في مثل هذا التركيب ما لنا نفعل أو لا نفعل على أن الجملة حال ولما منع من ذلك هنا أن المصدرية إذ لا توافقه ألتزم فيه ما ألتزم والأخفش أدعى