في أحكامه مصالح عباده فينبغي أن يمتثل أمره ونهيه .
وللمطلقات سواء كن مدخولا بهن أو لا متاع أي مطلق المتعة الشاملة للواجبة والمستحبة وأوجبها سعيد بن جبير وأبو العالية والزهري للكل وقيل : المراد بالمتاع نفقة العدة ويجوز أن يكون اللام للعهد أي المطلقات المذكورات في الآية السابقة وهن غير الممسوحات وغير المفروض لهن والتكرير للتأكيد والتصريح بما هو أظهر في الوجوب وهذا هو الأوفق بمذهبنا ويؤيده ما أخرجه إبن جرير عن إبن زيد قال : لما نزل قوله تعالى : متاعا بالمعروف حقا على المحسنين قال رجل : إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأنزل الله تعالى هذه الآية فلا حاجة حينئذ إلى القول بأن تلك الآية مخصصة بمفهومها منطوق هذه الآية المعممة على مذهب من يرى ذلك ولا إلى القول بنسخ هذه كما ذهب إليه إبن المسيب وهو أحد قولي الإمامية بالمعروف حقا على المتقين 142 أي من الكفر والمعاصي كذلك أي مثل ذلك البيان الواضح للأحكام السابقة يبين الله لكم إياته الدالة على ما تحتاجون إليه معاشا ومعادا لعلكم تعقلون 242 أي لكي تكمل عقولكم أو لكي تصرفوا عقولكم إليها أو لكي تفهموا ما أريد منها ألإم تر هذه الكلمة قد تذكر لمن تقدم علمه فتكون للتعجب والتقرير والتذكير لمن علم بما يأتي كالأحبار وأهل التواريخ وقد تذكر لمن لا يكون كذلك فتكون لتعريفه وتعجيبه وقد أشتهرت في ذلك حتى أجريت مجرى المثل في هذا الباب بأن شبه حال من لم ير الشيء بحال من رآه في أنه لا ينبغي أن يخفى عليه وأنه ينبغي أن يتعجب منه ثم أجرى الكلام معه كما يجري مع من رأ قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب والرؤية إما بمعنى الإبصار مجازا عن النظر وفائدة التجوز الحث على الإعتبار لأن النظر إختياري دون الإدراك الذي بعده وإما بمعنى الإدراك القلبي متضمنا معنى الوصول والإنتهاء ولهذا تعدت بإلى في قوله تعالى : إلى الذين كما قاله غير واحد وقال الرغب : إن الفعل مما يتعدى بنفسه لكن لما أستعير لمعنىألم تنظرعدى تعديته بإلى وفائدة إستفادته أن النظر قد يتعدى عن الرؤية فإذا أريد الحث على نظر ناتج لا محالة لها أستعيرت له وقلما أستعمل ذلك في غير التقرير فلا يقال رأيت إلى كذا إنتهى وقد يتعدى اللفظ على هذا المعنى بنفسه وقل من نبه عليه كقول أمريء القيس : ألمياني كلما جئت طارقا وجدت بها طيبا ولم تتطيب والمراد بالموصول أهل قرية يقال لها داوردان قرب واسط خرجوا من ديارهم فارين من الطاعون أو من الجهاد حيث دعوا إليه وهم ألوف حذر الموت وكانوا فوق عشرة آلاف على ما أستظهره الأكثر بناءا على أنه لا يقالعشرة ألوف ولا تسعة ألوفوهكذا وإنما يقال آلاف فقول عطاء الخراساني : إنهم كانوا ثلاثة آلاف وإبن عباس في إحدى الروايات عنه أنهم أربعة آلاف ومقاتل والكلبي إنهم ثمانية آلاف وأبي صالح إنهم تسعة آلاف وأبي رؤفت إنهم عشرة آلاف لا يساعده هذا الإستعمال والقائلون بالفوقية أختلفوا فقيل : كانوا بضعة وثلاثين ألفا وحكى ذلك عن السدي وروى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم أربعون ألفا وقال عطاء بن أبي رباح إنهم سبعون ألفا ولا أرى لهذا الخلاف ثمرة بعد القول بالكثرة وإلى ذلك يميل كلام الضحاك وحكى عن إبن زيد أن المراد خرجوا مؤتلفي القلوب ولم يخرجوا عن تباغض فجعله جمع