كذلك وذكر أن المباشرة لتوقفها على الشروط العقلية والشرعية توزعت بحسبها كما إذا قيل لجماعة معدودة أو غير محصورة أدوا الزكاة وزوجوا الإكفاء وأمنعوا الظلمة كان الكل مخاطبين والتوزع على ما مر هذا وليس في الآية على أي وجه حملت دليل على أنه ليس للمرأة أن تزوج نفسها كما وهم ونهى الأولياء عن العضل ليس لتوقف صحة النكاح على رضاهم بل لدفع الضرر عنهن لأنهن وإن قدرن على تزويج أنفسهن شرعا لكنهن يحترزن عن ذلك مخافة اللوم والقطيعة أو مخافة البطش بهن وفي إسناد النكاح إليهن إيماء إلى عدم التوقف والإلزام المجاز وهو خلاف الظاهر وجوز في أن ينكحن وجهان : الأول أنه بدل إشتمال من الضمير المنصوب قبله والثاني أن يكون على إسقاط الخافض والمحل إما نصب أو جر على إختلاف الرأيين إذا تراضوا ظرفللاتعضلواوالتذكير بإعتبار التغليب والتقييد به لأنه المعتاد لا لتجويز المنع قبل تمام التراضي وقيل ظرف لأن ينكحن وقوله تعالى بينهم ظرف للتراضي مفيد لرسوخه وإستحكامه بالمعروف أي بما لا يكون مستنكرا شرعا ومروءة والباء إما متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل تراضوا أو نعتا لمصدر محذوف أي تراضيا كائنا بالمعروف وإما بتراضوا أو بينكحن وفي التقييد بذلك إشعار بأن المنع من التزوج بغير كفء أو بما دون مهر المثل ليس من باب العضل ذلك إشارة إلى ما فصل والخطاب للجمع على تأويل القبيل أو لكل واحد واحد أو أن الكاف تدل على خطاب قطع فيه النظر عن المخاطب وحدة وتذكيرا وغيرهما .
والمقصود الدلالة على حضور المشار إليه عند من خوطب للفرق بي الحاضر والمنقضي الغائب أو للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ليطابق ما في سورة الطلاق وفيه إيذان بأن المشار إليه أمر لا يكاد يتصوره كل أحد بل لا بد لتصور ذلك من مؤيد من عندالله تعالى يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر خصه بالذكر لأنه المسارع إلى الإمتثال إجلالا لله تعالى وخوفا من عقابه و منكم إما متعلق بكانعلى رأي من يرى ذلك وإما بمحذوف وقع حالا من فاعل يؤمن ذلكم أي الأتعاظ به والعمل بمقتضاه أزكى لكم أي أعظم بركة ونفعا وأطهر أي أكثر تطهيرا من دنس الآثام وحذف لكم إكتفاء بما في سابقه وقيل : إن المراد أطهر لكم ولهم لما يخشى على الزوجين من الريبة بسبب العلاقة بينهما والله يعلم ما فيه من المصلحة وأنتم لا تعلمون 232 ذلك فلا رأى إلا الإتباع ويحتمل تعميم المفعول في الموضعين ويدخل فيه المذكور دخولا أوليا وفائدة الجملة الحث على الإمتثال .
والوالدات يرضعن أولادهن أمر أخرج مخرج الخبر مبالغة ومعناه الندب أو الوجوب إن خص بما إذا لم يرتضع الصبي إلا من أمه أو لم يوجد له ظئر أو عجز الوالد عن الإستئجار والتعبير عنهن بالعنوان المذكور لإستعطافهن نحو أولادهن والحكم عام للمطلقات وغيرهن كما يقتضيه الظاهر وخصه بعضهم بالوالدات المطلقات وهو المروى عن مجاهد وإبن جبير وزيد بن أسلم وأحتج عليه بأمرين : الأول أن الله تعالى ذكر هذه الآية عقيب آيات الطلاق فكانت من تتمتها وإنما أتمها بذلك لأنه إذا حصلت الفرقة ربما يحصل التعادي والتباغض وهو يحمل المرأة غالبا على إيذاء الولد نكاية بالمطلق وإيذاءا له وربما رغبت في التزوج بآخر وهو كثيرا ما يستدعي إهمال أمر الطفل وعدم مراعاته فلا جرم أمرهن على أبلغ وجه برعاية جانبه والإهتمام بشأنه والثاني أن إيجاب