الجواب والتقدير إن مكناكم فيه طغيتم وقيل : إنها صلة بعد ما الموصولة تشبيها بما النافية وما التوقيتية فهي في الآية مثلها في قوله : يرجى المرء ما أن لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب أي مكناهم في مثل الذي مكناكم فيه وكونها نافية هو الوجه لأن القرآن العظيم يدل عليه في مواضع وهو أبلغ في التوبيخ وأدخل في الحث على الأعتبار وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة ليستعملوها فيما خلقتله ويعرفوا بكل منهاما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شئون منعمها D ويداوموا على شكره جل شأنه فما أغنى عنهم سمعهم حيث لم يستعملوه في استماع الوحي ومواعظ الرسل ولا أبصارهم حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المرسومة في صحائف العالم ولا أفئدتهم حيث لم يستعملوها في معرفة الله تعالى من شيء أي شيئا من الإغناء و من مزيدة للتوكيد والتنوين للتقليل .
وجوز أن تكون تبعيضية أي ما أغنى بعض الإغناء وهو القليل و ما في ما أغنى نافية وجوز كونها استفهامية وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم عليه زيادة من في الواجب وهو لا يجوز على الصحيح ورد بأنهم قالوا : تزاد في غير الموجب وفسروه بالنفي والأستفهام وإفراد السمع في النظم الجليل وجمع غيره لاتحاد المدركبه وهو الأصوات وتعدد مدركات غيره أو لأنه في الأصل مصدر وأيضا مسموعهم من الرسل متحد .
إذ كانوا يجحدون بآيات الله ظرف متعلق بالنفي الصريح أو الضمني في قوله تعالى : ما أغنى وهو ظرف أريد به التعليل كناية أو مجازا لاستواء مؤدي الظرف والتعليل في قولك : ضربته لإساءته وضربته إذ أساء لأنك إنما ضربته في ذلك الوقت لوجود الإساءة فيه وهذا مما غلب في إذ وحيث من بين سائر الظروف حتى يلحق بمعانيهما الوضعية وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون .
26 .
- من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الأستهزاء ويقولون : فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصاديق ولقد أهلكنا ما حولهم يا أهل مكة من القرى كحجر ثمود وقرى قوم صالح والكلام بتقدير مضاف أو تجوز بالقرى عن أهلها لقوله تعالى : وصرفنا الآيات أي كررناها لعلهم يرجعون .
27 .
- وأمر ما سهل والترجي مصروف لغيره تعالى أو لعل للتعليل أي لكي يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي إلى الإيمان والطاعة فلو لا نصرهم فهلا منعهم من الهلاك الذي وقعوا فيه الذي اتخذوا أي آلهتهم الذين اتخذوهم .
من دون الله قربانا آلهة والضمير الذي قدرناه عائدا هو المفعول الأول لاتخذوا و ىلهة هو المفعول الثاني و قربانا بمعنى متقربا بها حال أي اتخذوهم آلهة من دون الله حال كونها متقربا بها إلى الله D حيث كانوا يقولون : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى و هؤلاء شفعاؤنا عند الله وفي الكلام تهكم بهم .
وأجاز الحوفي كون قربانا مفعولا من أجله وأجاز هو أيضا وابن عطية ومكي وأبو البقاء كونه المفعول الثاني لاتخذوا وجعل آلهة بدلا منه وقال في الكشاف : لا يصح ذلك لفساد المعنى ونقل عنه في بيانه أنه لا يصح أن يقال : تقربوا بها من دون الله لأن الله تعالى لا يتقرب به وأراد كما في الكشف