وأبو خليد وابن عامر وحمزة والكسائي لنجزي بنون العظمة وقريء ليجزي بالياء والبناء للمفعول قوم بالرفع على أنه نائب الفاعل وقرأ شيبة وأبو جعفر بخلاف عنه كذلك إلا إنهما نصبا قوما وروي ذلك عن عاصم واحتج به من يجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل مع وجود المفعول الصريح فيقول : ضرب بسوط زيدا فبما كسبوا نائب الفاعل ههنا ولا يجيز ذلك الجمهور وخرجت هذه القراءة على أن القائم مقام الفاعل ضمير المصدر أي ليجزي هو أي الجزاء ورد بأنه لا يقام مقامه عند وجود المفعول به أيضا على الصحيح وأجازه الكوفيون على خلاف في الأطلاق والأستحسان أو على أنه ضمير المفعول الثاني وهو الجزاء بمعنى 3المجزي به كما في قوله تعالى : جزاؤهم عند ربهم جنات عدن وأضمر لدلالة السياق كما فيقوله سبحانه ولأبويه والمفعول الثاني في باب أعطي يقوم مقام الفاعل بلا خلاف وهذا من ذاك وأبو البقاء اعتبر الخير بدل الجزاء المذكور أو علىأن قوما منصوب بأعني أو جزى مضمرالدلالة المجهول علىأن ثم جازيا واختاره أبو حيان و ليجزي حينئذ من باب يعطي ويمنع وحيل بين العير والنزوان فمعناه ليفعل الجزاء ويكون هناك جملتان .
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها لا يكاد يسري عمل إلى غير عامله ثم إلى ربكم مالك أموركم ترجعون .
15 .
- فيجازيكم على أعمالكم حسبما تقتضيه الحكمة خيرا على الخير وشرا على الشر والجملة مستأنفة لبيان كيفية الجزاء ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب وهوالتوراة على أن التعريب للعهد وجوز جعله للجنس ليشمل الزبور والإنجيل ولا يضر في ذلك كون الزبور أدعية ومناجاة والأنجيل أحكامه قليلة جدا ومعظم أحكام عيسى عليه السلام من التوراة لأن إيتاء الكتاب مطلقا منة والحكم القضاء وفصل الأمور بين الناس لأن الملك كان فيهم واختاره أبو حيان أو الفقه في ادلين ويقال : لم يتسع فقه الأحكام على نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام أو الحكم النظرية الأصلية والعملية الفرعية والنبوة حيث كثر فيهم الأنبياء عليهم السلام ما لم يكثر في غيرهم ورزقناهم من الطيبات المستلذات الحلال وبذلك تتم النعمة وذلك كالمن والسلوى وفضلناهم على العالمين .
16 .
- حيث آتيناه مما لم نؤت غيرهم من فلق البحر وإظلال الغمام ونظائرهما فالمراد تفضيلهم على العالمين مطلقا من بعض الوجوه لا من كلها ولا من جهة المرتبة والثواب فلا ينافي ذلك تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلّم عليهم منوجه آخر ومن جهة المرتبة والثواب وقيل : المراد بالعالمين عالم و زمانهم .
وآتيناهم بينات من الأمر دلائل ظاهرة في أمر الدين فمن بمعنى في والبينات الدلائل ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام وبعضهم فسرها بها وعن ابن عباس آيات من أمر النبي صص وعلامات مبينة لصدقه E ككونه يهاجر من مكة إلى يثرب ويكون أنصاره أهلها إلى غير ذلك مما ذكر في كتبهم فما اختلفوا في ذلك الأمر إلامن بعد ما جاءهم العلم بحقيقة الحال فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجب الرسوخه بغيا بينهم عدواة وحسدالا شكا فيه إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة بالمؤاخذة والجزاء فيما كانوا فيه يختلفون .
17 .
- من أمر الدين ثم جعلناك على شريعة أي سنة وطريقة من شرعه إذا سنه ليسلك وفي البحر الشريعة في كلام العرب الموضع الذي يرد منه الناس في الأنهار ونحوها