عن الذين لا يتوقعون وقائعه تعالى بإعدائه ونقمته فيهم فالرجاء مجاز عن التوقع وكذا الأيام مجاز عن الوقائع من قولهم : أيام العرب لوقائعها وهو مجاز مشهور وروي ذلك عن مجاهد أو لا يأمولون الأوقات التي وقتها الله تعالى لثواب المؤمنين وعددهم الفوز فيها والآية قيل نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها .
وقال بعضهم : لا نسخ لأن المراد هنا ترك النزاع في المحقرات والتجاوز عن بعض ما يؤذي ويوحش وحكى النحاس والمهدوي عن ابن عباس أنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه شتمه مشرك بمكة قبل الهجرة فهم أن يبطش به فنزلت وروي ذلك عن مقاتل وهذا ظاهر فيكونها مكية كأخواتها وإرادة فهم أن يبطش بهبعد الهجرة لأن المسلمين بمكة قبلها عاجزون مقهورون لا يمكنهم الأنتصار من المشركين والعاجز لا يؤمر بالعفو والصفح غير ظاهر محتاج إلى نقل ودوام عجز كل من المسلمين غير معلوم بل من وقف على أحوالأ أبي حفص رضي الله تعالى عنه لا يتوقف في أنه قادر على ما هم به لا يبالي بما يترتب عليه .
وهذاأولى في الجواب من أن يقال : إن الأمر بفعل ذلك بينه وبين الله تعالى بقلبه ليثاب عليه نعم قيل : إن النبي صوأصحابه نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر يقال له المريسيع فأرسل ابن أبي غلامه ليستقي فأبطأ عليه فلما أتاه قال له : ما حسبك قال : غلام قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستقي حتى مل أقرب النبي صلى الله عليه وسلّم وقرب أبي بكر رضعنه فقال ابنأبي : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل سمن كلبك يأكل فبلغ ذلك عمر رضي الله تعالى عنه فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالىالآية وحكاه الإمام عن ابن عباس وهو يدل علىأنها مدنية وكذا ما روي عن ميمون بن مهران قال : إن فنحاصا اليهودي قال : لما أنزل الله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا احتاج رب محمد فسمع بذلك عمر Bه فاشتمل سيفه وخرج فبعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في طلبه حتى رده ونزلت الآية ليجزي قوما بما يكسبون .
14 .
- تعليل للأمر بالمغفرة وجوز أن يكون تعليلا للأمر بالقول لأنه سبب لامتثالهم المجازي عليه والمراد بالقوم المؤمنون الغافرون والتنكير للتعظيم ولفظ القوم في نفسه اسم مدح على ما يرشد إليه الأشتقاق والأستعمال في نحو يا ابن القوم .
وفي هذا التنكير كما لالتعريف والتنبيه على أنهم لا يخفون نكروا أو عرفوا مع العلم بأن المجزي لا يكون إلا العامل وهوالغافر ههنا أي أمروا بذلك ليجزي الله تعالى يوم القيامة قوما أيما قوم وقوما مخصوصين بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار والأغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ما لا يحيط به نطاق البيان من الثواب العظيم ومنهم من خص ما كسبوه بالمغفرة والصبر على الأذية و ما في الوجهين موصولة وجوز أن تكون مصدرية والباء للسببية أو للمقابلة أو صلة يجزي وجوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كسبوا سيآتهم التي من جملتها أيذاؤهم المؤمنين والتكير للتحقير : وتعقب بأن مطلق الجزاء لا يصلح تعليلا للأمر بالمغفرة لتحققه على تقديري المغفرة وعدمها فلا بد من تخصيصه بالكل بأن لا يتحقق بعض منه في الدنيا أوبما يصدر عنه تعالى بالذات وفي ذلك من التكلف ما لا يخفى وأن يراد كلا الفريقين والتنكير للشيوع وتعقب بأنه أكثر تكلما وأشد تمحلا والذي يشهد للوجه السابق ما روي عن سعيد بن المسيب قال : كنا بين يدي عمر رضي الله تعالى عنه فقرأ قاريء هذه الآية فقال : ليجزي عمر بما صنع وقرأ زيد بن علي وأبو عبد الرحمن والأعمش