الخلع بجميع ما يساق ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه : أخلعها ولو بقرطها ويؤيد الأول ما أخرجه أحمد وأبو داؤد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أيما أمرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة وقال : المختلعات هي المنافقات ويويد الثاني ما روى من بعض الطرق أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لجميلة أتردين عليه حديقته فقالت : أردها وأزيد عليها فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : أما الزائد فلا وهذا وإن دل على نفي الزيادة دون جميع المهر إلا أنه يستفاد منه أن فيما أفتدت به ليس على عمومه فيكون المراد به ما يستفاد من الإستثناء وهو البعض وأكثر الفقهاء على أن الخلع بلا شقاق وبجميع ما ساق مكروه ولكنه نافذ لأن أركان العقد من الإيجاب والقبول وأهلية العاقدين مع التراضي متحقق والنهي لأمر مقارن كالبيع وقت النداء وهو لا ينافي الجواز وعلى أنه يصح بلفظ المفادات لأنه تعالى سمى الإختلاع إفتداءا وأختلف في أنه إذا جرى لفظ الطلاق فسخ أو طلاق ومن جعله فسخا أحتج بقوله تعالى : فإن طلقها فإن تعقيبه للخلع بعد ذكر الطلقتين يقتضي أن يكون طلقة رابعة لو كان الخلع طلاقا والأظهر أنه طلاق وإليه ذهب أصحابنا وهو قول للشافعية لأنه فرقة بإختيار الزوج فهو كالطلاق بالعوض فحينئذ يكون فإن طلقها متعلقا بقوله سبحانه الطلاق مرتان تفسيرا لقوله تعالى : أو تسريح بإحسان لا متعلقا بآية الخلع ليلزم المحذور ويكون ذكر الخلع إعتراضا لبيان أن الطلاق يقع مجانا تارة وبعوض أخرى والمعنى فإن طلقها بعد الثنتين أو بعد الطلاق الموصوف بما تقدم .
فلا تحل له من بعد أي من بعد ذلك التطليق حتى تنكح زوجا غيره أي تتزوج زوجا غيره ويجامعها فلا يكفي مجرد العقد كما ذهب إليه إبن المسيب وخطؤه لأن العقد فهم من زوجا والجماع من تنكح وبتقدير عدم الفهم وحمل النكاح على العقد تكون الآية مطلقة إلا أن السنة قيدتها فقد أخرج الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وجماعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : جاءت أمرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله فقالت : إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجني عبدالرحمن بن الزبير وما معه الأمثل هدبة الثوب فتبسم النبي فقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك وعن عكرمة إن هذه الآية نزلت في هذه المرأة وأسمها عائشة بنت عبدالرحمن بن عيتك وكان نزل فيها فإن طلقها فلا تحل له من حتى تنكح زوجا غيره فيجامعها فإن طلقها بعد ما جامعها فلا جناح عليهما أن يتراجعا وفي ذلك دلالة على أن الناكح الثاني لا بد أن يكون زوجا فلو كانت أمة وطلقت البتة ثم وطئها سيدها لا تحل للأول وعلى أنه لو أشتراها الزوج من سيدها أو وهبها سيدها له بعد أن بت طلاقها لم يحل له وطؤها في الصورتين بملك اليمين حتى تنكح زوجا غيره وعلى أن الولي ليس شرطا في النكاح لأنه أضاف العقد عليها والحكمة في هذا الحكم ردع الزوج عن التسرع إلى الطلاق لأنه إذا علم أنه إذا بت الطلاق لا تحل له حتى يجامعها رجل آخر .
ولعله عدوه أرتدع عن أن يطلقها البتة لأنه وإن كان جائزا شرعا لكن تنفر عنه الطباع وتأباه غيرة الرجال والنكاح بشرط التحليل فاسد عند مالك وأحمد والثوري والظاهرية وكثيرين وأستدلوا على ذلك بما أخرجه إبن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا : بلى يارسول الله قال : هو المحلل والمحلل له وأخرج عبدالرزاق عن عمر رضي الله تعالى عنه قال : لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما والبيهقي عن سليمان بن يسار أن عثمان