وفي الكشف أن الآية مبالغة من حيث أنه جعل الممكن في نفسه أعني عبادته E لما يدعونه ولدا محالا فهو نفي لعبادة الولد على أبلغ وجه حيث جعل مسببا عن محال ثم نفي للولد كذلك من طريق آخر وهو أنه لما لم يعبد صلى الله عليه وسلّم الولد مع كونه أولى بعبادته لو كان دل على نفيه ونحوها ذكر في الآية مرويا عن قتادة والسدي والطبري .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد أن المعنى قل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول من عبد الله تعالى وحده وكذبكم بما تقولون فالمراد من كونه E أول العابدين كونه صلى الله تعالى عليه وسلم أول من ينكر ذلك عليهم و والملازمة في الشرطية باعتبار أن نسبتهم الولد له تعالى تقتضي أن يكذبهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأن يكون أول من ينكره لأنه صاحب الدعوة إلى التوحيد وقد خفى ذلك علىالإمام فنفي صحة هذا الوجه وتكلف بعضهم فقال : إن تسبب الجزاء عن الشرط عليه باعتبار الأولية في العبادة والتوحيد من بينهم فإنهم إذا أطبقواعلى ذلك الزعم يكون النبي A أولهم في عبادة الله تعالى وحده لا محالة وقيل : إن السببية باعتبار الأخبار والذكر نحو أن تضربني فأنا لا أضربك وهو أولى مما قبله والأنصاف أن الأرتباط خفي لا يظهر إلا لمجاهد وحكى أبو حاتم عن جماعة ولم يسم أحدا منهم أن العابدين منعبد يعبد كفرح يفرح إذا أنف من الشيء ومنه قوله : .
وأعبد أن أهجو كليبا بدارم .
وقول الآخر : متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله ويعبد عليه لا محالة ظالما أيإن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من الولد أو من كونه لله سبحانه ونسبته له D وروي نحو هذا عن ابن عباس أخرج الطستي عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى فأنا أول العابدين فقال : أنا أول من ينفر عن أن يكون لله تعالى ولد وأيد ذلك بقراءة السلمي واليماني العبدين جمع عبد كحذر وحذرين وهو المعروف في معنى أنف وقلما يقال فيهعابد ومن هنا ضعف ابن عرفة هذاالوجه لما فيه من استعمال ما قل استعماله في كلامهم وذكر الخليل في كتاب العين أنه قريء العبدين بسكون الباء تخفيف العبدين بكسرها وقال أبو حاتم : العبد بكسر الباء الشديد الغضب وقال أبو عبيدة : العرب تقول عبدني حقي أي جحدني وروي عن الحسن وابن زيد وزهير بن محمد وهو رواية عن ابن عباس وقتادة والسدي أيضا أن إن نافية ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال ذلك وعبد ووحد و كان عليه للأستمرار المقصود استمرار النفي لا نفي الأستمرار والفاء للسببية وتعقب بأنه خلاف الظاهر مع خفاء وجه السببية أو حسنها وزعم مكي أنه لا يجوز لأيهامه نفي الولد فيما مضى وهوكما ترى .
وقرأ عبد الله وابن وثاب وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي كما قال القاضي ولد بضم الواو وسكون اللام جمع ولد بفتحهما .
سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون .
82 .
- أيعن وصفهم أو الذي يصفونه