القيل للشعار بأن ذلك أسوأ من كراهتهم و يؤيده ما ذكر أولا على ما قيل قوله تعالى : أميحسبون أنا لا نسمع سرهم لأنه يدل على أن ما أبرموه كان أمرا قد أخفوه في ناسب الكيد دون تكذيب الحق لأن الكفرة مجاهرون فيه والمراد بالسر هنا حديث النفس أي بل أيحسبون أنا لا نسمع حديث أنفسهم بذلك الكيد ونجواهم أي تناجيهم وتحادثهم سرا .
وقال غير واحد : السر ما حدثوا به أنفسهم أو غيرهم في مكان خال والنجوى ما تكلموا به فيما بينهم بطريق التناجي بلى نسمعهما ونطلع عليهما ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم لديهم ملازمون لهم يكتبون .
80 .
- أي يكتبونهما أو يكتبون كل ما صدر عنهم من الأفعال والأقوال التيمن جملتها ما ذكر .
والمضارع للأستمرار التجددي وهو مع فاعله خبر و لديهم حال قدم للفاصلةأو خبر أيضا وجملة المبتدأ والخبر إما عطف على ما يترجم عنه بلى أو حال أي نسمع ذلك والحال أن رسلنا يكتبونه وإذا كان المراد بالسر حديث النفس فالآية ظاهرة في أن السر والكلام المخيل مسموع له تعالى وكذا هي ظاهرة في أن الحفظة تكتبه كغيره من أقوالهم وأفعالهم الظاهرة ولايبعد ذلك بأن يطلعهم الله تعالى عليه بطريق من طرق الأطلاع فيكتبوه .
ومن خص كتابهم بالأمور الغير القلبية خص السر بما حدث به الغير في مكان خال والظاهر أن حسبانهم ذلك حقيقة ولا يستبعد من الكفرة الجهلة فقد أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : بينا ثلاثة عند الكعبة وأستارها قريش ان وثقفي أوثقفيان وقرشي فقال واحد منهم ترون الله تعالى يسمع كلامنا فقال واحد : إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع فنزلت أم يحسبون الآية .
وقيل : إنهم نزلوا في إقدامهم على الباطل وعدم خوفهم من الله D منزلة من يحسب أن الله سبحانه لا يسمع سره ونجواه قل أي للكفرة تحقيقا للحق وتنبيها لهم على أن مخالفتك لهم بعدم عبادتك ما يعبدون من الملائكة عليهم السلام ليس لبغضك وعداوتك لهم أو لمعبوديهم بل إنما هو لجزمك باستحالة ما لبسوا إليهم وبنوا عليه عبادتهم من كونهم بنات الله سبحانه وتعالى إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين .
81 .
- أي لذلك الولد وكان بمعنى صح كما يقال ما كان لك أن تفعل كذا وهو أحد استعمالاتها و أول أفعل تفضيل والمفضل عليه المقول لهم وجوز اعتبار ذلك مطلقا والمراد إظهار الرغبة والمسارعة والمنساق إلى الذهن الأول .
ووجه الملازمة أنه E أعلم الناس بشؤنه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأحرصهم على مراعاة حقوقه وما توجبه من تعظيم ولده سبحانه فإن حق الوالد على شخص يوجب عليه تعظيم ولده لما أن تعظيم الولد تعظيم الوالد فالمعنى إن كان للرحمن ولد وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والأنقياد له كما يعظم الرجل ولد الملك لعظم أبيه وهذا نفي لكينونة ولد له سبحانه على أبلغ وجه وهو الطريق البرهاني والمذهب الكلامي فإنه في الحقيقة قياسي استثنائي استدل فيه بنفي اللازم البين انتفاؤه وهو عبادته صلى الله عليه وسلّم للولد على نفي الملزوم وهو كينونة الولد له سبحانه وذلك نظير قوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا لكنه جيء بأن دون لو جعل ما في حيزها بمنزلة ما لا يقطع بعدمه على طريق المساهلة وإرخاء العنان للتبكيت والأفحام