أي الراسخين في الأجرام الكاملين فيه وهم الكفار فكأنه قيل : إن الكفار في عذاب جهنم خالدون .
74 .
- وأيد إرادة ذلك بجعلهم قسيم المؤمنين بالآيات في قوله تعالى : الذين آمنوا بآياتنا فلا تدل الآية على خلود عصاة المؤمنين كما ذهب إليه المعتزلة والخوارج ولايضر عدم التعرض لبيان حكمهم بناء على أن المراد بالذين آمنوا المتقون لقوله تعالى : يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون والقول بأن الذين آمنوا شامل لهم لأن العلة إيمانهم وإسلامهم ولا يخفى ما فيه والظرف متعلق بخالدون وخالدون خبر إن وجوز أن يكون الظرف هو الخبر وخالدون فاعله لاعتماده لا يفتر عنهم أي لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذاسكنت قليلا والمادة بأي صيغة كانت تدل على الضعف مطلقا وهم فيه أي في العذاب وقرأ عبد الله فيها أي في جهنم ملبسون .
75 .
- حزينون من شدةالبأس قال الراغب : الإبلاس الحزن المعترض من شدةالبأسومنه اشتق إبليس فيما قيل .
ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل أب ليس فلأن إذا سكت وانقطعت حجته انتهى وقد فسر الإبلاس هنا بالسكوت وانقطاع الحجة وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين .
76 .
- لسوء اختيارهم و هم ضمير فصل فيفيد التخصيص وقرأ عبد الله وأبوزيد الظالمون بالرفع على أن هم مبتدأ وهو خبره وذكر أبو عمر الجرمي أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ ويرفعون ما بعده على الخبر وقال أبو زيد : سمعتهم يقرؤن تجدوه عند الله هوخير وأعظم برفع خير وأعظم وقال قيس بن ذريح : تحن إلى ليلى وأنت تركتها وكنت عليها بالملا أنت أقدر وقال سيبويه : بلغتنا أن رؤبة كان يقول أظن زيدا هو خير منك يعني بالرفع ونادوا أي من شدة العذاب .
وفي بعض الآثار يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيقولون : ادعوا مالكا فيدعون يا مالك ليقض علينا ربك أي ليمتنا من قضى عليه إذا أماته ومرادهم سل ربك أنيقضي علينا حتى نستريح وإضافتهم الرب إلى ضميره لحثه لا للأنكار وهذا لا ينافي الإبلاس على التفسير الأول لأنه صراخ وتمني للموت من فرط الشدة وأما على التفسير الثاني أنه وإن نفاه لكن زمان كان كل غير زمان الآخر فإن أزمنة العذاب متطاولة وأحقابه ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتا لغلبة اليأسعليهم وعلمهم أنهلا خلاص لهم ولو بالموت ويغوثون أوقات الشدة ما بهم وتعقب بأنه لا يناسب دوام الجملة الأسمية أعني وهم مبلسون وقيل إن نادوا معطوف بالواو وهي لا تقتضي ترتيبا ولا يخفى أن تلك الجملة حالية لا تنفك عن الخلود .
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وابن مسعود وابن وثاب والأعمش يا مال بالترخيم على لغة من ينتظر وقرأ أبو السوار يا مال بالترخيم أيضا لكن على لغة من لم ينتظر .
قال ابن جني : وللترخيم في هذاالموضع سر وذلك أنهم لعظم ما همفيه ضعفت قواهم وذلت أنفسهم فكان هذا منموضع الأختصار ضرورة وبهذا يجاب عن قول ابن عباس وقد حكيت له القراءة به على اللغة الأولى : ما أشغل أهل النار على الترخيم مشيرا بذلك إلى إنكارها فإن ما للتعجيب وفيها معنى الصيد يعني أنهم في حالة تشغلهم عن الألتفات إلى الترخيم وترك النداءعلى الوجه الأكثر في الأستعمال وحاصل الجواب أن هذا الترخيم لم يصدر عنهم لقصد التصرف في الكلام والتفنن فيه كما في قوله :