المفهومة مما تقدموه و كما ترى خالدين .
71 .
- دائمون أبد الآبدين والجملة داخلة في حيز النداء وهي كالتأكيد لقوله تعالى : لا خوف عليكم ونودوا بذلك إتماما للنعمة وإكمالا للسرور فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسر في ثاني الأحوال ولله تعالى رد القائل : وإذا نظرت فإن بؤسا زائلا للمرء خير من نعيم زائل وعن النصر أباذي أنه إن كان خلودهم لشهوة الأنفس ولذة الأعين فالفناء خير من ذلك وإن كان لفناء الأوصاف والأتصاف بصفات الحق والمقام فيها على سرر الرضا والمشاهدة فأنتم إذا أنتم وأنت تعلم أن ما ذكره يدخل في عموم ما تقدم دخولا أوليا وذكر بعضهم هنا أن الخطاب هنا من باب الألتفات وأنه للتشريف وقال الطيبي : ذق مع طبعك المستقيم معنى الخطاب والألتفات وتقديم الظرف في وأنتم خالدون لتقف على ما لا يكتنهه الوصف وتلك الجنة مبتدأ وخبر وقوله تعالى : التي أورثتموها صفة الجنة وقوله سبحانه بما كنتم تعلمون .
72 .
- متعلق أورثتموها وقيل : تلك الجنة مبتدأ وصفة و التي أورثتموها الخبر والجار بعده متعلق به وقيل : تلك مبتدأوالجنة صفتها والتي أورثتموها صفة الجنة وبما كنتم متعلق بمحذوف هو الخبر .
والأشارة على الوجه الأول إلى الجنة المذكورة في قوله تعالى : ادخلوا الجنة وعلى الأخيرين إلى الجنة الواقعة صفة على ما قيل والباء للمقابلة وقد شبه ما استحقوه بأعمالهم الحسنة من الجنة ونعيمها الباقيلهم بما يخلفه المرء لوارثه من الأملاك والأرزاق ويلزمه تشبيه العمل نفسه بالمورث اسم فاعل فاستعير الميراث لما استحقوه ثم اشتق أورثتموها فيكون هناك استعارة تبعية وقال بعض : الأستعارة تمثيلية .
وجوز أن تكون مكنية وقيل : الأرث مجاز مرسل للنيل والأخذ وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار فالكافر يرث المؤمن منزله في النار والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة وذلك قوله تعالى : وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ولا يخلو الكلام عن مجاز عليه أيضا وأيا ما كان فسببية العمل لإيراث الجنة ونيلها ليس إلا بفضل الله تعالى ورحمته D والمراد بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : لن يدخل أحدكم الجنة عمله ففي إدخال العمل الجنة على سبيل الأستقلال والسببية التامة فلا تعارض .
وأخرج هناد وعبد بن حميد في الزهد عن ابن مسعود قال : تجوزون الصراط بعفو الله تعالى وتدخلون الجنة برحمة الله تعالى وتقتسمون المنازل بأعمالكم فتأمل وقريء ورثتموها لكم فيها فاكهة كثيرة بحسب الأنواع والأصناف لا بحسب الأفراد فقط منها تأكلون .
73 .
- أي لا تأكلون إلا بعضها وأعقابها باقية في أشجارها فهي مزينة بالثمار أبدا موقرة بها لا ترى شجرة عريانة من ثمرها كما في الدنيا وفي الحديث لا ينزع رجل في الجنة من ثمرها إلا نبت مكانها مثلاها فمن تبعيضية وجوز كونها ابتدائية والتقديم للحصر الأضافي وقيل لرعاية الفاصلة .
ولعل تكرير ذكر المطاعم في القرآن العظيم مع أنها كلا شيء بالنسبة إلى سائر أنواع نعيم الجنة لما كان بأكثر همفي الدنيا من الشدة والفاقة فهو تسلية لهم وقيل : إن ذلك لكون أكثر المخاطبين عوانا نظرهم مقصور على الأكل والشرب وتعقب بأنه تام وللصوفية كلام سيأتي في مواضع إن شاء الله D إن المجرمين