من الأنبياء وكل جاء بالتوحيد فلم يكن فيما جاءا به إباحة اتخاذ آلهة من دون الله تعالى كما اتخذت قريش فناسب ذكر قصتها الآية التي قبلها .
فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون .
47 .
- أي فاجأهم الضحك منها أي استهزؤا بها أول ما رأوها ولم يتأملوا فيها وفي الكشاف جاز أن تجاب لما بإذا المفاجأة لأنفعل المفاجأة مقدر معها وهو عامل النصب في محلها كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فاجؤا وقت ضحكهم فالجواب عنده ذلك الفعل وهو العامل في لما وقدر ماضيا لأنه المعروف في جوابها وإذا مفعول به لا ظرف وقال أبو حيان : لا نعلم نحو يا ذهب إلى ما ذهب إليه هذا الرجل من أن إذا الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر تقديره فاجأ بل المذاهب فيها ثلاثة الأول إنها حرف فلا تحتاج إلى عامل الثاني أنها ظرف مكان فإن صرح بعد الأسم بعدها بخير له كان ذلك الخبر عاملا فيها نحو خرجت فإذا زيد قائم فقائم هو الناصب لها والتقدير خرجت فنفي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم الثالث أنها ظرف زمان والعامل فيها الخبر أيضا كأنه قيل : ففي الزمان الذي خرجت فيه زيد قائم : وإذا لم يذكر بعد الاسم خبر أو ذكر اسم منصوب على الحال كانت إذا خبرا للمبتدأ : فإن كان جثة وقلنا : إذا ظرف مكان كان الأمر واضحا وإن قلنا ظرف زمان كان الكلام على حذف مضاف أي ففي الزمان حضور زيد ثم إن المفاجأة التي أدعاها لا يدل المعنى على أنها تكون من كلام السابق بل يدل على أنه تكون من الكلام التي هي فيه تقول خرجت فإذا الأسد فالمعنى ففاجأني الأسد دون ففاجأت الأسد انتهى وقال الخفاجي ما قيل إن نصبها بفعل المفاجأة المقدر هكذا لم يقله أحد من النحاة لا يلتفت إليه وتفصيله في شروح المغنى وما نريهم من آية من الآيات : إلا هي أكبر من أختها أي من آية مثلها في كونها آية دالة على النبوة واستشكل بأنه يلزم كون كل واحدة من الآيات فاضلة ومفضولة معا وهو يؤدي إلى التناقض وتفضيل الشيء على نفسه لعموم آية في النفي وأجيب بأن الغرض من هذاالكلام أنه موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه على معنى أن كل واحدة لكمالها في نفسها إذا نظر إليها قيل هي أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة المقصود على التمام كما قال الحماسي : من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي لسري بها الساري وإذا لوحظ الكل توقف عن التفضيل بينهن ولقد فاضلت فاطمة بنت خرشب الأنمارية بين أولادها الكلمة ربيعة الحفاظ وعمارة الوهاب وأنس الفوارس ثم قالت : أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت ثكلتهم أن كنت أعلم أيهم أفضل هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها وقال بعض الأجلة : المراد بأفعل الزيادة من وجه أي ما نريهم من آية إلا هي مختصة بنوع من الأعجاز مفضلة على غيرها بذلك الأعتبار ولا ضير في كون الشيء الواحد فاضلا ومفضولا باعتبارين وقد أطال الكلام في ذلك جلال الدين الدواني في حواشيه على الشرح الجديد للتجريد فليراجع ذلك من أراده وفي البحر قيل : كانت آياته عليه السلام من كبار الآيات وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها فعلى هذا يكون ثم صفة محذوفة أي من أختها السابقة عليها ولا يبقى في الكلام تعارض ولا يكون ذلك الحكم في الآية الأولى لأنه لم يسبقها شيء فتكون أكبر منه وذكر بعضهم في الأكبرية أن الأولى تقتضي علما والثانية تقتضي علما منضما إلى علم الأولى فيزداد الرجوع انتهى والأولى ما تقدم لشيوع إرادة ذلك المعنى من مثل هذا التركيب وأخذناهم بالعذاب كالسنين والجراد والقمل وغيرها :