لعلهم يرجعون .
48 .
- يرجعوا ويتوبوا عما هم عليه من الكفر وقالوا يا أيه الساحر قال الجمهور : هو خطاب تعظيم فدق كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاستعظامهم على السحر وحكاه في مجمع البيان عن الكلبي والجبائي وقيل : المعنى يا غالب من ساحره فسحره كخاصمه فخصمه فهو خطاب تعظيم أيضا وقيل : الساحر على المعنى المعروف فيه تعودوا دعاءه عليه السلام بذلك قبل ومقتضى مقام طلب الدعاء منه عليه السلام أن لا يدعوه به إلا انهم لفرط حسرتهم سبق لسانهم إلى ما تعودوا به وقيل : هو خطاب استهزاء وانتقاص دعاهم إليه شدة شكيمتهم ومزيد حماقتهم وروي ذلك عن الحسن .
ودفع الزمخشري المنافاة بين هذا الخطاب وقولهم الآتي : أننا لمهتدون بأن ذلك القول وعد منوي إخلافه وعهد معزوم على نكثه معلق بشرط أن يدعو لهم وينكشف عنهم العذاب وفيه أن الوعد وإن كان منوي الأخلاف لكن إظهار الأخلاف حال التضرع إليه عليه السلام ينافيه لأنهم في استلانة قلبه عليه السلام .
وقيل الأظهر أنهم قالوا ياموسى كما في الأعراف لكن حكى الله تعالى كلامهم هناعلى حسب حاله موفق ما في قلوبهم تقبيحا لذلك وتسلية لحبيبه صلى الله تعالى عليه وسلم ويكون ذلك على عكس قوله سبحانه إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وجعل على هذا قولهم الآتي مجمل ما فصل هنالك من الأيمان وإرسال بني إسرائيل فلا يحتاج إلى التزام كون القولين في مجلسين للجمع بين ما هنا وما هناك ولا يخلو عن بعد والألتزام المذكور لا أرى ضررا فيه وقريء يا أيه بضم الهاء ادع لنا ربك ليكشف عنا العذاب بما عهد عندك أي بعهده عندك والمراد به النبوة وسميت عهدا إما لأن الله تعالى عاهد نبيه عليه السلام أن يكرمه بها وعاهد النبي ربه سبحانه على أن يستقل بأعبائها أو لما فيها من الكلفة بالقيام بأعبائها ومن الأختصاص كما بين المتواثقين أو لأن لها حقوقا تحفظ كما يحفظ العهد أو من العهد الذي يكتسب للولاة كأن النبوة منشور من الله تعالى بتولية من أكرمه بها والباء إما صلة لأدع أو متعلق بمحذوف وقع حالامن الضمير فيه أي متوسلا إليه تعالى بما عهد أو بمحذوف دل عليه التماسهم مثل أسعفنا إلى ما نطلب وإما أن تكون للقسم والجواب ما يأتي وهي على هذا للقسم حقيقة وعلى ما قبله للقسم الأستعطافي وعلى الوجه الأول للسببية وإدخال ذلك في الأستعطاف خروج عن الأصطلاح وجوز أن يراد بالعهد الدعوة كأنه قيل : بما عاهدوا الله تعالى مكرما لك من استجابة دعوتك أو عهد كشف العذاب عمن اهتدى وأمر الباء في الوجهين على ما مر وأن يراد بالعهد الأيمان والطاعة أي بما عهد عندك فوفيت به على أنه من عهد إليه أن يفعل كذا أي أخذ منه العهد على فعله ومنه العهد الذي يكتب للولاة و عندك يغني عن ذكر الصلة مع إفادة أنه محفوظ مخزون عند المخاطب والأولى على هذا أن تكون ما موصولة وهذا الوجه فيه كما في الكشف لفظا ومعنى وسياقا على ما لا يخفى عن الفطن .
إننا لمهتدون .
49 .
- لمؤمنون ثابتون على الأيمان وهو إما معلق بشرط كشف العذاب كما في قولهم المحكي في سورة الأعراف لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك أو غير معلق ويجب حينئذ أن يكون هذا منهم في مجلس آخر وإن قلنا : لم يصدر منهم طلب الدعاء إلا مرة أو أكثر منها لكن على طرز واحدا قيل هنا : أرادوا من الأهتداء الأيمان وإرسال بني إسرائيل كما سمعت آنفا فلما كشفنا عنهم العذاب أي بدعوته ففي الكلام