فإن ظاهره كون الأنتقام بعذاب الأستئصال وصاحب البحر يحمله على الأنتقام بالقحط والقتل والسبي والجلاء .
وقرأ أبي وأبو جعفر وشيبة وابن مقسم والزعفراني وغيرهم أو لو جئناكم بنون المتكلمين وهي تؤيد ما ذهبنا إليه والأمر بالنظر فيما انتهىإليه حال المكذبين تسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم وإرشاد إلى عدم الأكتراث بتكذيب قومه إياه E وإذ قال إبراهيم أي واذكر لهم وقت قوله E لأبيه آزر وقومه المكبين على التقليد كيف تبرأ مما هم فيه بقوله : إنني براء مما تعبدون .
26 .
- وتمسك بالبرهان والكلام تمهيد لما أهل مكة فيه من العناد والحسد والأباء عن تدبر الآيات وأنهم لو قلدوا آباءهم لكان الأولى أن يقلدوا أباهم الأفضل الأعلى الذي يفتخرون بالأنتماء إليه وهو إبراهيم عليه السلام فكأنه بعد تعييرهم على التقليد يعيرهم على أنهم مسيئ ونفي ترك اختياره أيضا .
وبراء مصدر كالطلاق نعت به مبالغة ولذلك يستة يفيه الواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث .
وقرأ الزعفراني والقورصي عن أبي جعفر وابن المناذري عن نافع براء بضم الباء وهو اسم مفرد كطوال وكرام بضم الكاف وقرأ الأعمش بري وهو وصف كطويل وكريم وقراءة العامة لغة العالية وهذه لغة نجد .
وقرأ الأعمش أيضا إني بنون مشددة دون نون الوقاية إلا الذي فطرني استثناء متصل إن قلنا إن ما عامة لذوي العلم وغيرهم وأنهم كانوا يعبدون الله تعالى والأصنام وليس هذا من الجمع بين الله تعالى وغيره سبحانه الذي يجب اجتنابه لما فيه من أيهام التسوية بينه سبحانه وبين غيره جل وعلا لظهور ما يدل على خلاف ذلك في الكلام أو منقطع بناء على أنما مختصة بغير ذوي العلم وأنهلا يناسب التغليب أصلا وأنهم لم يكونوا يعبدونه تعالى أو أنهم كانوا يعبدونه D إلا أن عبادته سبحانه مع الشرك في حكم العدم وعلى الوجهين محل الموصول النصب وأجاز الزمخشري أن يكون في محل جر على أنه بدل من ما المجرور بمن وفيه بحث لأنه يصير استثناء من الموجب ولم يجوزوا فيه البدل ووجهه أنه في معنى النفي لأن معنى أنني براء مما تعبدون لا أعبد ما تعبدون فهو نظير قوله تعالى : ويأبى الله إلا أن يتم نوره إلا أن ذلك في المفرغ وهذا فيما ذكر فيه المستثنى منه وهم لا يخصونه بالمفرغ ولا بألفاظ مخصوصة أيضا كأبي وقلما نعم أن أبا حيان يأبى إلا أنه موجب ولا يعتبر النفي معنى وأجاز أيضا أن تكون إلا صفة بمعنى غير على أن ما في ما تعبدون نكرة موصوفة والتقدير إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني فهو قوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا واعتبار ما نكرة موصوفة بناء على أن إلا لا تكون صفة إلا لنكرة وكذا اعتبارها بمعنى الجمع بناء على اشتراط كون النكرة الموصوفة بها كذلك والمسألة خلافية فمن النحويين من قال إن إلا يوصف بها المعرفة والنكرة مطلقا وعليه لا يحتاج إلى اعتبار كون ما نكرة بمعنى آلهة وفي جعل الصلة فطرني تنبيه على أنه لا يستحق العبادة إلا الخالق للعابد لإنه سيهدين .
27 .
- يثبتني على الهداية فالسين للتأكيد لا للأستقبال لأنه جاء في الشعراء يهدين بدونها والقصة واحدة والمضارع في الموضعين للأستمرار وقيل : بالمراد سيهدين إلى وراء ما هداني إليه أولا فالسين على ظاهرها والتغاير في الحكاية والمحكي بناء على تكرر القصة وجعلها الضمير المرفوع المستتر لأبراهيم عليه السلام أو لله D والضمير المنصوب