الأمام والعلامة والقاضي والظاهر ما قدمناه وتعقيب الخرص على وجه البيان أو الأستئناف عن قوله تعالى : ما لهم بذلك من علم وقوله تعالى : إن يتبعون إلا الظن في سورة الأنعام دليل على ما أشرنا فقد لاح للمسترشد أن الآية تصلح حجة لأهل السنة لا للمعتزلة وقال في آية سورة الأنعام : إن قولهم هذا إما لدعوى المشروعية ردا للرسل أو لتسليم أنهم على الباطل اعتذارا بأنهم مجبورون والأول باطل لأن المشيئة تتعلق بي فعلون المشروع وغيره فما شاء الله تعالى أن يقع منهم مشروعا وقع كذلك وما شاء الله تعالى أن يقع لا كذلك وقع لا كذلك .
ولا شك أن من توهم أن كون الفعل بمشيئته تعالى ينافي مجيء الرسل عليهم السلام بخلاف ما عليه المباشر من الكفر والضلال فقد كذب التكذيب كله وهو كاذب في استنتاج المقصود من هذه اللزومية وظاهر الآية مسوق لهذا المعنى والثاني على ما فيه من حصول المقصود وهو الأعتراف بالبطلان باطل أيضا إذ لا جبر لأن المشيئة تعلقت بأن يشركوا اختيارا منهم والعلم تعلق كذلك فهو يؤكد دفع القدر لا أنه يحققه وإليه الإشارة بقوله تعالى : قل فلله الحجة البالغة ثم إنهم كاذبون في هذاالقول لجزمهم حيث لا ظن مطلقا فضلا عن العلم وذلك لأن من العلم أن العلم بصفات الله سبحانه فرع العلم بذاته جل وعلا والأيمان بها كذلك والمحتجون به كفرة مشركون مجسمون ونقل العلامة الطيب ينحوا من الكلام الأخير عن إمام الحرمين عليه الرحمة في الإرشاد أه .
وقد أطال العلماء الأعلام الكلام في هذا المقام وأرى الرجل سقى الله تعالى مرقده صيب الرضوان قد مخض كل ذلك وأتى بزبده بل لم يترك من التحقيق شيئا لمن أتى من بعده فتأمل والله D هو الموفق .
وكذلك أي والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة مطلقا وتشبثهم بذيل التقليد وقوله سبحانه : ما أرسلنا من قبلك من قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
23 .
- استئناف مبين لذلك دال على أن التقليد فيما بينهم ضلال قديم لأسلافهم وأن متقدميهم أيضا لم يكن لهم سندد منظور إليه وتخصيص المترفين بتلك المقالة للأيذان بأن التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد وقال حكاية لما جرى بين المنذرين وبين أننهم عند تعللهم بتقليد آبائهم أي قال : كل نذير من أولئك المنذرين لأمته أو لو جئتكم أي أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بأهدى بدين أهدى مما وجدتم عليه آباءكم من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء وإنما عبر عنها بذلك مجاز معهم على مسلك الأنصاف .
وقرأ الأكثرون قل على أنه حكاية أمر ماض أوحى إلى كل نذير أي فقيل أو قلنا للنذير قل الخ واستظهر في البحر كونه خطابا لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم والظاهر هو ما تقدم لقوله تعالى : قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون .
24 .
- فإنه ظاهر جدا في أنه حكاية عن الأمم السالفة أي قال كل أمة لنذيرها إنا بما أرسلتم به الخ وقد أجمل عند الحكاية للأيجاز كما قرر في قوله تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات .
وجعله حكاية عن قومه E بحمل صيغة الجمع على تغليبه صلى الله تعالى عليه وسلم على سائر المنذرين وتوجيه كفرهم إلى ما أرسل به الكل من التوحيد لأجماعهم عليهم السلام عليه كما في نحو قوله تعالى : كذبت عاد المرسلين تمحل بعيد وأيضا يأباه ظاهر قوله سبحانه فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين .
25