إلا الله كما روي عن قتادة ومجاهد والسدي ويشعر بها قوله : إنني براء مما تعبدون الخ وجوز أن يعود على هذا القول نفسه وهو أيضا كلمة لغة كلمة باقية في عقبه في ذريته عليه السلام فلا يزال فيهم من يوحد الله تعالى ويدعو إلى توحيده D .
وقرأ حميد بن قيس كلمة بكسر الكاف وسكون اللام وهي لغة فيها في عقبه بسكون القاف تخفيفا و في عاقبه أي من عقبه أي خلفه ومنه تسمية النبي صلى الله عليه وسلّم لأنه آخر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
لعلهم يرجعون .
28 .
- تعليل للجعل أي جعلها باقية في عقبه كي يرجع من أشرك منهم بدعاء من وحد أو بسبب بقائها فيهم والضميران للعقب وهو بمعنى الجمع والأكثرون على أن الكلام بتقدير مضاف أي لعل مشركيهم أو الأسناد من إسناد ما للبعض إلى الكل وأولوا لعل بناء على أن الترجي من الله سبحانه وهو لا يصح في حقه تعالى أو منه عليه السلام لكنه من الأنبياء في حكم المتحقق ويجوز ترك التأويل كما لا يخفى بل هو الأظهر إذا كان ذاك من إبراهيم عليه السلام .
بل متعت هؤلاء أي أهل مكة المعاصرين للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وآباءهم بالمد في العمر والنعمة حتى جاءهم الحق دعوة التوحيد أو القرآن ورسول مبين .
29 .
- ظاهر الرسالة بماله من المعجزات الباهرات أو مبين للتوحيد بالآيات والحجج القاطعات والمراد بالتمتيع ما هو سبب له من استمتاعهم بما متعوا واشغالهم بذلك عن شكر المنعم وطاعته والغاية لذلك فكأنه قيل : اشتغلوا حتى جاء الحق وهي غاية له في نفس الأمر لأن مجيء الرسول مما ينبه عن سنة الغفلة ويزجر عن الأشتغال بالملاذ لكنهم عكسوا ما هو سبب للتنصل سببا للتوغل فهو على أسلوب قوله تعالى : لم يكن الذين كفروا إلى قوله سبحانه : وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جائتهم البينة و بل متعت إضراب عن قوله جل شأنه لعلهم يرجعون كأنه قيل بل متعت مشركي مكة وأشغلتهم بالملاهي والملاذ فاشاغلوا فلم يرجعوا أو فلم يحصل ما رجاه من رجوعهم عن الشرك وهو في الحقيقة إضراب عن التمهيد الذي سمعت وشروع في المقصود لكن روعي في المناسبة بما قرب من جملة الأضراب أعني لعلهم يرجعون وفي الحواشي الشهابية أنه إضراب عن قوله تعالى : وجعلها الخ أي لم يرجعوا فلم أعاجلهم بالعقوبة بل أعطيتهم نعما أخر غير الكلمة الباقية لأجل أن يشكروا منعمها ويوحدوه فلم يفعلوا بل زاد طغيانهم لاغترارهم أو التقدير ما اكتفيت في هدايتهم بجعل الكلمة باقية فيهم بل متعتهم وأرسلت رسولا وقرأ قتادة الأعمش بل متعت بتاء الخطاب ورواها يعقوب عن نافع وهو من كلامه تعالى على سبيل التجريد لا الألتفات وإن قيل به في مثله أيضا كأنه تعالى اعتراض بذلك على نفسه جل شأنه في قوله سبحانه : وجعلها الخ لا لتقبيح فعله سبحانه بل لقصد زيادة توبيخ المشركين كما إذاقال المحسن على من أساء مخاطبا لنفسه : أنت الداعي لأساءته بالأحسان إليه ورعايته فيبرز كلامه في صورة من يعترض على نفسه ويوبخها حتى كأنه مستحق لذلك وفي ذلك من توبيخ المسيء ما فيه وقال صاحب اللوامح : هو من كلام إبراهيم عليه السلام ومناجاته ربه D وقال في البحر : الظاهر أنه من مناجاة الرسول A على معنى قل يا رب متعت والأول أولى وهو الموافق للأصل المشهور وقرأ الأعمش متعنا بنون العظمة .
ولما جاءهم الحق لينبههم عما هم فيه من الغفلة ويرشدهم إلى التوحيد قالوا هذا سحر وإنا به كافرون .
30