عبد الوهاب الشعراني في تفسير الآية المذكورة اعلم أن المانع من سماع كلام الحق إنما هو البشرية فإذا ارتفع العبد عنها كلمه الله تعالى من حيث كلم سبحانه الأرواح المجردة عن المواد والبشر ما سمى بشرا إلا لمباشرته الأمور التي تعوقه عن اللحوق بدرجة الروح فلما لم يلحق كلمه الله تعالىفي الأشياء وتجلى سبحانه له فيها بخلاف من لحقك الأنبياء هل يهم السلام فلا يتجلىالحق سبحانه لغيرهم إلا في حجاب الصور ولو لا هدايته تعالى للعبد ما عرف أنه سبحانه ربه واعلم أن الحقيبة تأبى أن تكلم الله تعالى غير نفسه أو يسمع غير نفسه فلا بد إذا خاطب عبدا على قصد إسماعه أن يكون جميع قواه لأنه محال أن يطيق الحادث سماع كلام القديم ولم يكن الحق سبحانه قواه عند النجوى ولذلك خر موسى عليه السلام صعقا إذ لم يكن له استعداد يقبل به التجلي اللائقب مقامه وثبت نبينا ولما لم يكن للجبل درجة المحبة التي يكون بها الحق سمع عبده وبصره جميع قواه لم يقدر على سماع الخطاب فدك واعلم أن حديث الحق سبحانه للخلق لا يزال أبدا غير أن من الناس من يفهم أنه حديث كعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومن ورثه من الأولياء ومنهم من لا يعرف ذلك ويقول : ظهر لي كذا وكذا ولا يعرف أن ذلك من حديث الحق سبحانه معه وكان شيخنا يقول : كان عمر من أهلال سماع المطلق الذي يحدثهم الله تعالى في كل شيء ولكن له ألقاب وهو أنه إن أجابوه به تعالى فهو حديث وإن أجابوه بهم فهو محادثة وإن سمعوا حديثه سبحانه فليس بحديث في حقهم وإنما هو خطاب أو كلام وقد ورد في المجتهدين أنهم أهل المسامرة فقد علمت أن الوحي ما يلقيه الله تعالى في قلوب خواص عباده على جهة الحديث فيحصل لهم من ذلك علم بأمرما فإن لم يكن كذلك فليس بوحي ولا خطاب فإن بعض الناس يجدون في قلوبهم علما بأمر ما مثل العلوم الضرورية عند الناسف هو علم صحيح لكن ليس صادرا عن خطاب وكلامنا إنما هو الخطاب الإلهي المسمى وحيا فإن الله تعالى جعل هذا الصنف من الوحي كى ما يستفيد به العلم من جاء له .
واعلم أنه لا ينزل على قلوب الأولياء و الأله ام إلا دقائق ممتدة من الأرواح الملكية لأنفس الملائكة لأن الملك لا ينزل بوحي على غير نبي أصلا ولا يأمر بأمر إلهي قطعا لأن الشريعة قد استقرت فلم يبق إلا وحي المبشر اتوهو الوحي الأعم ويكون من الحق إلىالعبد من غير واسطة ويكون أيضا بواسطة والنبوة من شأنها الواسطة فلا بد من واسطة الملك فيها لكن الملك لا يكون حال القائه ظاهرا بخلاف الأنبياء عليهم السلام فإنهم يرون الملك حال الكلام والوليلا يشهد الملك إلا في غير حال الإلقاء فإن سمع كلامه لم يره وإن رآه لا يكلمه فالعارفون لا ينالون ما فاتهم من النبوة مع بقاء اتلم بشرات عليهم إلا أن الناس يتفاضلون فمنهم من لا يبرح في بشارة الواسطة ومنهم من يرتفع عنها كالأفراد فإن لهم المبشرات بارتفاع الوسائط وما لهم النبوات ولهذا ينكر عليهم الأحكام لأنهم ضاهوا الأنبياء من حيث كونهم يعلمون بما يرونه تعريفات الحق لهم كأنه شريعة مستقلة في الظاهر وليس ذلك بشريعة إنما هو بيان لها فالمنقطع إنما هو وحي التشريع لا غير أما التعريف لأمور مجملة في السنة فهو باقل هذه الأمة ليكونوا على بصيرة فيما يدعون الناس إليه لأنه خبر إلهي وأخبار من الله تعالى للعبد على يد ملك مغيب على هذاالملهم ولايكون الإلهام إلا في الخير و ألهمها فجوزها على معنى إلهامها إياه لتجنبه كما أن إلهامه اتقواه التع وأكمل الإلهام أن يلهم اتباع الشرع والنظر في الكتب الإلهية ويقف عند حدودها وأوامرها حتى يزول صدى طبيعته وتنتقش فيها صور العالم وأما قوله تعالى : أومن وراء