أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين وماكنا له مقرنين .
13 .
- أمطيقين وأنشد قطرب لعمرو ابن معدي كرب : لقد علم القبائل ما عقيل لنا في نائبات بمقرنينا وهو من أقرن الشيء إذا أطاقه قال ابن هرمة : وأقرنت ما حملتني ولقلما يطلق احتمال الصدياد عد والهجر وحقيقة أقرنه وجده قرينته وما يقرن به لأن الصعب لا يكون قرينة للضعف ألا ترى إلى قولهم في الضعيف لا تقرن به الصعبة والقرن الحبل الذي يقرن به قال الشاعر : وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس وحاصل المعنى أنه ليس لنا من القوة ما يضبط به الدابة والفلك وإنما الله تعالى هو الذيسخر ذلك وضبطه لنا .
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سليمان بن يسار أن قوما كانوا في سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وكان فيهم رجل له ناقة رزام فقال : أما أنا فلهذه مقرن فقمصت به فصرعته فاندقت عنقه وقريء مقرنين بتشديد الراء مع فتحها وكسرها وهما بمعنى المخفف .
إنا إلى ربنا لمنقلبون .
14 .
- أي راجعون وفيه إيذان بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه من السير ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هي الأنقلاب إلى الله تعالى فيبني أموره في مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يأتي بما ينافيها ومن ضرورة ذلك أن يكون ركوبه لأمر مشروع وفيه إشارة إلى أن الركوب مخطرة فلا ينبغي أن يغفل فيه عن تذكر الآخرة .
وجعلوا له من عباده جزءا متصل بقوله تعالى : ولئن سألتهم إلى آخره فهو حال من فاعل ليقولن بتقدير قد أو بدونه والمراد بيان أنهم مناقضون مكابرون حيث اعترفوا بأنه D خالق السماوات والأرض ثم وصفوه سبحانه بصفات المخلوقين وما يناقض كونه تعالى خالقا لهما فجعلوا له سبحانه جزأ وقالوا : الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وعبر عن الولد بالجزء لأنه بضعة ممن ولد له كما قيل : أولادنا أكبادنا وفيه دلالة على مزيد استحالته على الحق الواحد الذي لا يضاف إليه انقسام حقيقة ولافرضا ولا خارجا ولا ذهنا جل شأنه وعلا ولتأكيد أمر المناقضة لم يكتف بقوله تعالى : جزأ وقيل من عباده لأنه يلزمهم على موجب اعترافهم أن يكون ما فيهما مخلوقه تعالى وعبده سبحانه إذ هو حادث بعدهما محتاج إليهما ضرورة .
وقيل : الجزء اسم للإناث يقال : أجزأت المرأة إذ ولدت أنثى وأنشد قول الشاعر : إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزيء الحرة المدكار أحيانا وقوله : زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أنيابها زجل وجل ذلك الزمخشري من بدع التفاسير وذكر أن ادعاء أن في لغة العرب اسم للأناث كذب عليهم ووضع مستحدث من خول وأن البيتين مصنوعان وقال الزجاج : في البيت الأول لا أدري قديم أم مصنوع .
ووجه بعضهم ذلك بأن حواء خلقت من جزء آدم عليه السلام فاستعير لكل الأناث .
وقرأ أبو بكر عن عاصم جزأ بضمتين ثم للكلام وإن سيق للفرض المذكور يفهم منه كفرهم لتجسيم الخالق تعالى والأستخفاف به جل وعلا حيث جعلوا له سبحانه أخس النوعين بل إثبات ذلك يستدعي الإمكان