والسلام شرائع دينه ولا يخفى أنه إذا لم يعتبر كون الكلام على حذف مضاف يلزمه إطلاق الأيمان على الأعمال وهدحا وهو خلاف المعروف الرابع أن الكلام على تقدير مضاف فقيل التقدير دعوة الأيمان أي ما كنت تدري كيف تدعو الخلق إلى الايمان وإليه يشير كلام أبي العالية .
والقال الحسين بن الفضل : أي أهل الأيمان أيلا تدري من الذي يؤمن وأنت تدري أنه لا يرتضي هذا إلا من لا يدري الخامس المراد نفي دراية المجموع أيما كنت تدري قبل الوحي مجموع الكتاب والأيمان فلا ينافي كونه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يدري الأيمان وحده ويأباه إعادة لا السادس أن المراد ما كنت تدري ذلك إذ كنت في المهد وإليه ذهب علي بن عيسى وهو خلاف الظاهر والظاهر أن المراد استمرار النفي إلى زمن الوحي وظاهر كلام الكشف يميل إلى اعتبار ذلك القيد قال : لعل الأشبه أن الايمان على ظاهره والآية واردة في معرض الأمتنان والأيحاء والألقاء في الروع وإرسال الرسول فالأيمان عرفه بالأول والكتاب بالثاني على أن الآية تدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم عرفهما بعد أن لم يكن عارفا وهو كذلك أما أنه E عرفهما بعد الوحي فلا فجاز أن يعرفهما به وجاز أن يعرف واحدا منهما معينا به وقد دل الدليل على أن المعرف به هو الكتاب والايمان بعد العقل وقبل الوحي والتمسك به على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن متعبدا بشرع من قبله ضعيف لأنعدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الأثم إنلم يكن تقصيرا انتهى .
وأنت تعلم أن المتبادر أنه E عرفهما بهد الوحي وأما فيقوله قدس سره في تضعيف التمسك بذلك على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن متعبدا بشرع من قبله أن عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد فدق قيل عليه : إنه ساقط لأنه E إذا لم يدر شرعا فكيف يتعبد به وقد يجاب بأن مراد المدقق أن الدراية المنفية بمعنى العلم الجازم الثابت المطابق للواقع وعدمها لا يلزمه عدم التعبد إذ يكفي في التعبد بشرع من قبله E الظن الراجح ثبوته فلعله كان حاصلا له صلى الله تعالى عليه وسلم .
ومثل هذا الظن يكفي المتعبدين اليوم بشرع نبينا E فإن أكثرالفروع ظنية ومن يتتبعالأخبار يعلم أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إبراهيم عليه السلام من الحج والختان وأيقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وغير ذلك وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان أحرص الناس على اتباع دين إبراهيم عليه السلام وفي الصحيح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان أي قبل البعثة يتحنث بغار حراء وفسر التحنث بالتحنف أي اتباع الحنفية وهي دين إبراهيم E والفاء تبدل ثاء في كثير من كلامهم وفي رواية ابن هشام في السير يتحنف بالفاء بدل الثاء نعم فسر أيضا بالتعبد كمافي صحيح البخاري وباتقاء الحنث أي الأثم كالتحرج والتأثم وكل ذلك مما ذكره الحافظ القسطلاني في شرح الصحيح .
ثم إن الظاهر أنمن قال : إنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان متعبدا بشرع من قبله ليس مراده أنه E كان متعبدا بجميع شرع من قبله بل بما ترجح عنده صلى الله تعالى عليه وسلم ثبوبه والذي ينبغي أن يرجح كون ذلك من شرع إبراهيم عليه السلام لأنهمن ذريته عليهما الصلاة والسلام وقد كلفت العرب بدينه .
وقال بعضهم : إن عبادته صلى الله تعالى عليه وسلم التفكر والأعتبار ولعله أيضا مما ترجح عنده E كونه من شريعته عليه السلام وربما يقال : بماعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم لا على ذلك الوجه من