في الحيض غير مشروع لما أخرج الشيخان إن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما طلق زوجته وهي حائض فذكر عمر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فتغيظ ثم قال : مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء وهو أحد الأدلة أيضا على أن العدة بالإطهار وذهب ساداتنا الحنفية إلى أن المراد بالقرء الحيض وهو المروى عن إبن عباس ومجاهد وقتادة والحسن وعكرمة وعمرو بن دينار وجمع غفير وكون الإنتقال من الطهر إلى الحيض هو المعرف للبراءة إذا سلم معارض بأن سيلان الدم هو السبب للبراءة إذا سلم معارض بأن سيلان الدم هو السبب للبراءة المقصودة ولا نسلم أن إعتبار المعرف أولى من إعتبار السبب وليس هذا من المكابرة في شيء على أن المهم في مثل هذه المباحث الأدلة النقلية وفيما ذكروه منها بحث لأن لام التوقيت لا تقتضي أن يكون مدخولها ظرفا لما قبلها ففي الرضى إن اللام في نحو جئتك لغرة كذا هي المفيدة للإختصاص الذي هو أصلها والإختصاص ههنا على ثلاثة أضرب : إما أن يختص الفعل بالزمان بوقوعه فيه نحو كتبته لغرة كذا أو يختص به لوقوعه بعده نحو لليلة خلت أو أختص به لوقوعه قبله نحو لليلة بقيت فمع الإطلاق يكون الإختصاص لوقوعه فيه ومع قرينة نحو خلت يكون لوقوعه بعده ومع قرينة نحو بقيت لوقوعه قبله إنتهى وفيما نحن فيه بقرينة تدل على كونه قبله لأن التطليق يكون قبل العدة لا مقارنا لها ويؤيده قراءة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في قبل عدتهن ففي الصحاح القبل والقبل نقيض الدبر والدبر ووقع السهم بقبل الهدف وبدبرهوقد قميصه من قبل ودبرأي من مقدمه ومؤخره ويقال : أنزل بقبل هذا الجبلأي بسفحهفمعنى في قبل عدتهن في مقدم عدتهن وأمامهاكما يقتضيه ظاهر الأمثلةوما ذكره من أن قبل الشيء أوله يرجع إلى هذا أيضا وعلى تسليم عدم الرجوع يرجع المقدم على الأول بالتبادر وكثرة الإستعمال والتأييد يحصل بذلك المقدار والحديث الذي أخرجه الشيخان مسلم لكن جعله دليلا على أنالعدةهي الأطهار غير مسلم لأنه موقوف على جعل الإشارة للحالة التي هي الطهر ولا يقوم عليه دليل فإن اللامفي يطلق لها النساء كاللام في لعدتهن يجوز أن تكون بمعنىفيوأن تكون بمعنى قبلفيجوز أن يكون المشار إليه الحيض وأنث أسم الإشارة مراعاة للخبر كالضمير إذا وقع بين مرجع مذكر وخبر مؤنث فإن الأولى على ما عليه الأكثر مراعاة الخبر إذ ما مضى فات والمعنى فتلك الحيض العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق قبلها النساءلا أن يطلق فيها النساءكما يفهمه إبن عمر وأوقع الطلاق فيه وقول الخطابي : الأقراء التي تعتد بها المطلقة الأطهار لأنه ذكر فتلك العدة بعد الطهر مجاب عنه بأن ذكره بعد الطهر لا يقتضي أن يكون مشارا إليه لجواز أن يكون ذكر الطهر للإشارة إلى أن الحيض المحفوف بالطهر يكون عدة وحينئذ لا يحتاج ذكر الطهر الثاني إلى نكتة وهي أنه إذا راجعها في الطهر الأول بالجماع لم يكن طلاقها فيه للسنة فيحتاج للطهر الثاني ليصح فيه إيقاع الطلاق السني وأن لا يكون الرجعة لغرض الطلاق فقط وأن يكون كالتوبة عن المعصية بإستبدال حاله وأن يطول مقامه معها فلعله يجامعها فيدهب ما في نفسها من سبب الطلاق فيمسكها هذا ما يرجع إلى الدفع وأما الإستدلال على أن القرء الحيض فهو ما أخرجه أبو داؤد والترمذي وإبن ماجه والدارقطني عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتانفصرح بأن عدة الأمة حيضتان ومعلوم أن الفرق بين الحرة والأمة بإعتبار مقدار العدة لا في جنسها فيلتحق قوله تعالى : ثلاثة قرؤ للإجمال الكائن بالإشتراك بيانا وكونه لا يقاوم ما أخرجه