قيل رمز وقيل اعتبار وقيل كتب وجعل التسخير من الوحي أيضا وحمل عليه قوله تعالى : وأوحى ربك إلى النحل وسيأتي إن شاء الله تعالى ما للصوفية قدست أسرارهم من الكلام في هذه الآية وحيا على ما قال الزمخشري مصدر واقع موقع الحال وكذا أن يرسل لأنه بتأويل إرسالا و من وراء حجاب ظرف واقع موقع الحال أيضا كقوله تعالى : وعلى جنوبهم والتقدير وما صح أن يكلم أحدا في حال من الأحوال إلا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا وتعقبه أبو حيان فقال : وقوع المصدر حالا لا ينقاس فلا جاء زيد بكاء تريد باكيا وقال منه المبرد ما كان نوعا للفعل نحو جاء زيد مشيا أو سرعة ومنع سيبويه من وقوع أن مع الفعل موقع الحال فلا يجوز جاء زيد أن يضحك في معنى ضحكاالواقع موقع ضاحكا .
وأجيب عن الأول بأن القرآن يقاس عليه ولا يلزم على أن يقاس على غيره مع أنه قد يقال : يكتفي بقيس المبرد وعن الثاني بأنه علل المنع بكون الحاصل بالسبك معرفة وهي لا تقع حالا وفي ذلك نظر لأنه غير مطرد ففي شرح التسهيل أنه قد يكون نكرة أيضا ألا تراهم فسروا أن يفترى بمفتري وقد عرض ابن جني ذلك على أبي علي فاستحسنه وعلى تسليم الأطراد فالمعرفة قد تكون حالا لكونها في معنى النكرة كوحدة والأقتصار على المنع أولى لمكان التعسف في هذا واختار غير واحد أن وحيا بما عطف منتصب بالمصدر لأنه نوع من الكلام أو بتقدير الأكلام وحي و من وراء حجاب صفة كلام أو سماع محذوف وصفة المصدر تسد مسدهو الأرسال نوع من الكلام أيضا بحسب المآل والأستثناء عليه مفرغ من أعم المصادر وقال الزجاج : قال سيبويه سألت الخليل عن قوله تعالى : أو يرسل رسولا بالنصب فقال : هو محمول على أن سوى هذه التي في قوله تعالى : أيكلمه الله لما يلزم منه أن يقال : ما كان لبشر أن يرسل الله رسولا وذلك غير جائز والمعنى ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا بأن يوحى أو أن يرسل وعليه أن يقدر في قوله تعالى : أو من وراء حجاب نحو أو أن يسمع من وراء حجاب وأي داع إلى ذلك مع ما سمعت واختلف في الأستثناء هل هو متصل أومنقطع وأبو البقاء على الأنقطاع وتعقبه بعضهم بأن المفرغ لا يتصف بذلك والبحث شهير وقرأ ابن عبلة أو من وراء حجاب بالجمع وقرأنافع وأهل المدينة أو يرسل رسولا فيوحى برفع الفعلين ووجهوا بأنه على إضمار مبتدأ أي هو يرسل أو هو معطوف على وحيا أو على ما يتعلق به من وراء بناء على أن تقديره أو يسمع من وراءحجاب وقال العلامة الثاني : إن التوجيه الثاني وما بعده ظاهر وهو عطف الجملة الفعلية الحالية علىالحال المفردة وأما إضمار المبتدأ فإنحمل على هذا فتقدير المبتدأ لغو وإن أريد أنها مستأنفة فلا يظهر مايعطف عليه سوى ما كان لبشر الخ وليس بحسن الأنتظام وتعقب أنه يجوز أن يكون تقدير المبتدأ مع اعتبار الحالية بناء على أن الجملة الأسمية التي الخبر فيها جملة فعلية تفيد ما لا تفيده الفعلية الصرفة مما يناسب حال إرسال الرسول أو يقال : لا نسلم أن العطف على ما كان لبشر ليس بحسن الانتظام وفيه دغدغة لا تخفى وفي الآية على ما قال ابن عطية دليل على أن من حلف أن لا يكلم فلانا فراسله حنث لاستثنائه تعالى الأرسال من الكلام ونقله الجلال السيوطي في أحكام القرآن عن مالك وفيه بحث والله تعالى الهادي .
إنه علي متعال عن صفات المخلوقين حكيم .
51 .
- يجري سبحانه أفعاله علة سنن الحكمة فيكلم