منهم ما يهواه فقد كانت العرب تعد الأناث بلاء وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ولو قدم المؤخر لاختل النظم وليس التقديم لمجرد رعاية مناسبة القرب من البلاء ليعارض بأن الآية السابقة ذكرت الرحمة فيها مقدمة عليه فناسب ذلك تقديم الذكور على الأناث وفي تعريف الذكور مافيه من الأستدراك لقضية التأخير التنبيه على أنه المعروف الحاضر في قلوبهم أول كل خاطر وأنه الذي عقدوا عليه مناهم ولما قضى الوطر من هذا الأسلوب قيل : أو يزوجهم أي الأولاد ذكرانا وإناثا أي يخلق ما يهبهم زوجا لأن التزويج جعل الشيء زوجا فذكر انا وأناثا من الضمير والواو قيل للمعية لأن حقه التأخير عن القسمين سياقا ووجودا فلا تتأتى المقارنة إلا بذلك وقيل ذلك لأن المراد يهب لمن يشاء ما لا يهواه ويهب لمن يشاء ما يهواه أو يهب الأمرين معا لا أنه سبحانه يجعل من كل من الجنسين الذكور والأناث على حياله زوجا ولولا ذلك لتوهم ما ذكر فتأمله ولتركبه منهما لم يكرر فيه حديث المشيئة وقدم المقدم على ما هو عليه في الأصل ولم يعرف إذ لا وجه له ثم قيل : ويجعل من يشاء عقيما أي لا يولد له فقيد بالمشيئة لأنه قسم آخر وكأنه جيء بأوفى أو يزوجهم دون الواو كما في سابقه من حيث أنه قسيم الأنفراد المشترك بين الأولين ولم يؤت في الأخير لاتضاحه بأنه قسيم الهبة المشتركة بين الأقسام المتقدمة فتأمل وقيل : قدم الأناث توصية برعايتهن لضعفهن لا سيما وكانوا قريبي العهد بالوأد وفي الحديث من ابتلى بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار وقيل : قدمت لأنها أكثر لتكثير النسل فهي من هذا الوجه أنسب بالخلق بيانه وقيل : لتعييب قلوب آبائهن لما في تقديمن من التشريف لأنهن سبب لتكثير مخلوقاته تعالى وقال الثعالبي : إنه إشارة إلى ما في تقدم ولادتهن من اليمن حتى أن أول مولود ذكر يكون مشؤما فيقولون له بكر بكرين وعن قتادة من يمن المرأة تبكيرها بأنثى وقيل : قدمت وأخر الذكور معرفا للمحافظة على الفواصل والمناسب للسياق ما علمت سابقا وقال مجاهد في أو يزوجهم التزويج أن تلد المرأة غلاما ثم تلد جارية وقال محمد بن الحنفية Bهما : هو أن تلد توأما غلاما وجارية وزعم بعضهم أن الآية نزلت في ألأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث وهب سبحانه لشعيب ولوط عليهم السلام إناثا ولأبراهيم عليه السلام ذكورا ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلّم ذكورا وإناثا وجعل عيسى ويحيى عليهما السلام عقيمين أه إنه عليم قدير .
50 .
- مبالغ جل شأنه في العلم والقدرة فيفعل ما يفعل بحكمة واختيار وما كان لبشر أيما صح لفرد من أفراد البشر .
أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء ظاهره حصر التكليم في ثلاثة أقسام الأول الوحي وهو المراد بقوله تعالى : إلا وحيا وفسره بعضهم بالالقاء في القلب سواء كان في اليقظة أو في المنام والالقاء أعم من الألهام فإن إيحاء أم موسى إلهام وإيحاء إبراهيم عليه السلام إلقاء في المنام وليس إلهاما وإيحاء الزبور إلقاء في اليقظة كما روي عن مجاهد وليس بإلهام والفرق أن الألهام لا يستدعي صورة كلام نفساني فقد وقد وأما اللفظي فلا وأما نحو إيحاء الزبور فيستدعيه وقد جاء إطلاق الوحي على الإلقاء في القلب في قول عبيد بن الأبرص : وأوحى إلي الله أن قد تأمروا بابل أبي أو في فقمت على رجلي فإنه إراد قذف في قلبي والثاني إسماع الكلام من غير أن يبصر السامع من يكلمه كما كان لموسى وكذا