خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأمركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها وإذا لم تكن على ذلك الوجه كان إفساد للدين والدنيا أكثر من صلاحها ومما رزقناهم ينفقون .
38 .
- أي في سبيل الخيرلأنه مسوق للمدح ولا مدح بمجرد الأنفاق ولعل فصله على قرينه بذكر المشاورة لأن الأستجابة لله تعالى وأقام الصلاة كانا من آثارها وقيل : لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات .
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .
39 .
- أي ينتقمون ممن بغى عليهم على ما جعله الله تعالى لهم ولا يعتمدون ومعنى الأختصاص أنهم بالأنتصار وغيرهم يعدوويت ولا يراد أنهم ينتصرون ولا يغفرون ليتناقض هو والسابق فكأنه وصفهم سبحانه بأنهم الأخصاء بالغفران لا يغول الغضب أحلامهم كما يغول في غيرهم وأنهم الأخصاء بالأنتصار على ما جوز لهم إن كافؤا ولايعتدون كغيرهم فهم محمودون في الحالتين بينحسن وأحسن مخصوصون بذلك من بين الناس وقال غير واحد : إن كلا من الوصفين في محل وهو فيه محمود فالعفو عن العاجزالمعترف بجرمه محمود ولفظ المغفرة مشعر به والأنتصار من المخاصم المصر محمود ولفظ الأنتصار مشعر به ولو أوقعا على عكس ذلك كانا مذمومين وعلى هذا جاء قوله : إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى وقد يحمد كل ويذم باعتبارات أخر فلا تناقض أيضا سواء اتحد الموصوفان في الجملتين أو لا وقال بعض المحققين : الأوجه أن لا يحمل الكلام على التخصيص بل على التقوى أي يفعلون المغفرة تارة والأنتصار أخرى لا دائما للتناقض وليس بذاك وعن النخعي أنه كان إذا هذه الآية قال : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجتريء عليهم الفساق وفيه أيماء إلى أن الأنتصار من المخاصم المصر وإلا فلا إذلال للنفس بالعفو عن العاجزالمعترف ثم إن جملة هم ينتصرون من المبتد أوالخبر صلة الموصول و إذا ظرف ينتصرون وجوز كونها شرطية والجملة جواب الشرط وجملة الجواب والشرط هي الصلة وتعقبه أبو حيان بما مر آنفا وجوز أيضا كون هم فاعلا لمحذوف وهو كما سمعت في وإذا ما غضبوا الخ وقال الحوفي : يجوز جعل هم توكيدا لضمير أصابهم وفيه الفصل بين المؤكد والمؤكد بالفاعل ولعله لا يمتنع ومع هذا فالوجه في الأعراب ما أشرنا إليه أولا وجزؤا سيئة سيئة مثلها بيان لما جعل للمنتصر وتسمية الفعلة الثانية وهي الجزاء سيئة قيل للمشاكلة وقال جار الله : تسمية كلتا الفعلتين سيئة لأنها تسوء منتنزل به وفيه رعاية لحقيقة اللفظ وإشارةإلى أن الأنتصار مع كونه محمودا إنما يحمد بشرط رعاية المماثلة وهي عسرة ففي مساقها حث على العفو من طريق الأحتياط وقوله تعالى : فمن عفا أي عن المسيء إليه وأصلح ما بينه وبين من يعاديه بالعفو والأغضاء عما صدر منه فأجره على الله فيجزيه جل وعلا أعظم الجزاء تصريح بما لوح إليه ذلك من الحث وتنبيه على أنه وإنكان سلوك الطريق الأحتياط يتضمن مع ذلك إصلاح ذات البين المحمود حالا ومالا ليكون زيادة تحريض عليه وأبهام الأجر وجعله حقا على العظيم الكريم جل شأنه الدال على عظمته زيادة في الترغيب وجيء بالفاء ليفرعه عن السابق أي إذا كان سلوك الأنتصار غير مأمور العثار فمن عفا وأصلح فهو سالك الطريق