بالبدع واستخراج الشبهات وبالفواحش ما يتعلق بالقوة الشهوانية وبقوله تعالى : وإذاما غضبوا هم يغفرون ما يتعلق بالقوة الغضبية وهو كما ترى والمراد بالأثم الجنس وإلا لقيل الآثام و إذا ظرف ليغفرون و هم مبتدأ لا تأكيد لضمير غضبوا وجوزه في البحر وجملة يغفرون خبره وتقديمه لأفادة الأختصاص لأنه فاعل معنوي واختصاصهم باعتبار أنهم أحقاء بذلك دون غيرهم فإن المغفرة حال الغضب عزيزة المثال وفي الآية أيماء إلى أنهم يغفرون قبل الأستغفار وقيل : هم مرفوع بفعل يفسره يغفرون ولما حذف انفصل الضمير وليس بشيء وجعل أبو البقاء إذا شرطية وجملة هم يغفرون جوابا لها وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم الفاء حينئذ ولا يجوز حذفها إلا في الشعر وتقدم لك آنفا ما ينفع كتذكره فتذكر وقرأ حمزة والكسائي كبير الأثم بالأفراد لأرادة الجنس أو الفرد الكامل منه وهو الشرك وروي تفسيره به عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ولا يلزم التكرار لأن المراد الأستمرار والدوام والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة قيل : نزلت في الأنصار دعاهم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلّم للأيمان به وطاعته سبحانه فاستجابوا له فأقنى عليهم جل وعلا بما أثنى وعليه فهو من ذكر الخاص بعد العام لبيان شرفه لأيمانهم دون تردد وتلعثم والآية إن كانت مدنية فالأمر ظاهر وإذا كانت مكية فالمراد بالأنصار من آمن بالمدينة قبل الهجرة أوالمراد بهم أصحاب العقبة وأمرهم شورى بينهم أي ذو شورى ومراجعة في الآراء بينهم بناء على أن الشورى مصدر كالبشرى فلا يصح الأخبار لأن الأمر متشاور فيه لا مشاورة إلا إذا قصد المبالغة وأورد أنه يقال من غير تأويل شأني الكرم والأمر هنا بمعنى الشأن نعم إذا حمل على القضايا المتشاور فيها احتاج إلى التأويل أو قصد المبالغة وقيل : ان إضافة المصدر للمعوم فلا يصح الإخبار إلابالتأويل ورد بأن المراد أمرهم فيما يتشاور فيه ولا جميع أمورهم وفيه نظر وقال الراغب : المشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم : شرت العسل وأشرته استخرجته والشورى الأمر الذي يتشاور فيه انتهى والمشهور كونه مصدرا وجيء بالجملة إسمية مع أن المعطوف عليه جملة فعلية للدلالة على أن التشاور كان حالهم المستمرة قبل الإسلام وبعده وفي الآية مدح للتشاور لا سيما على القول بأن فيها الأخبار بالمصدر وقد أخرج البيهقي في شعب الأيمان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي A قال : من أراد أمرا فشاور فيه وقضى هدى لأرشد الأمور وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن المنذر عن الحسن قال : ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا وأمرهم شورى بينهم وقد كانت الشورى بين النبي A وأصحابه فيما يتعلق بمصالح الحروب وكذا بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم بعده E وكانت بينهم أيضا في الأحكام كقتال أهل الردة وميراث الجد وعدد حد الخمر وغير ذلك والمراد بالأحكام ما لم يكن لهم فيه نص شرعي وإلا فالشورى لا معنى لها وكيف يليق بالمسلم العدول عن حكم الله D إلى آراءالرجال والله سبحانه هو الحكيم الخبير ويؤيد ما قلنا ما أخرجه الخطيب عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء قال : أجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد وينبغي أن يكون المستشار عاقلا كما ينبغي أن يكون عابدا فقد أخرج الخطيب أيضا عن أبي هريرة مرفوعا استرشدوا العاقل ترشدوا ولاتعصوه فتندموا والشورى على الوجه الذي ذكرناه من جملة أسباب صلاح الأرض ففي الحديث إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم أسخياءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض