المستقبل الوعيد النحذير كما قيل : سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار ومرجع المعنى على ذلك أنه تعالى إن يشأ يعصف الريح فيغرق بعض أو ينج آخرين عفوا ويحذر جماعة أخرى .
واعترض بأن التخصيص بالمجادلين في هذاالتحذير غير لائح وأيضا علمهم بأن لا محيص من عذاب الله تعالى على تقدير الريح بأهل السفن على سبيل العبرة ولا اختصاص لها بهم ولا بهذا المقدور خاصة .
وأجيب عن الأول بأن التخصيص بالمجادلين لأنهم أولى بالتحذير وعن الأخير بأنه أريد أن البر والبحر لا ينجيان من بأسه D فهو تعميم واختار في الكشف كون التخريج على أن الآية في الكافرين بمعنى إن يشأ يعصف الريح فيغرق بعضهم وينج آخرين منهم عفوا ويعلموا ما لهم من محيص فلا يغتروا بالنجاة والعفو في هذه المرة فالمجادلون هم الكثير الناجون أو بعضهم وهو على منوال قوله تعالى أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى الآية ومن مجموع ما سمعت يلوح لك ضعف هذه القراءة ولهذا لم يقرأ بها في السبعة والظاهر على القراءات الثلاث أن فاعل يعلم الذين وجملة ما لهم من محيص سادة مسد المفعولين وفي الدر المصون أن الجملة في قراءة الرفع تحتمل الفعلية وتحتمل الأسمية أي وهو يعلم الذين ولا يخفى أن الظاهر على الأحتمال الثاني كون الذين مفعولا أو لا والجملة مفعولا ثانيا على ضميره تعالى المستتر وأجيب بعضهم هذا على قراءة الجزم وعطف يعلم على يعف لئلا يخرج الكلام عن الأنتظام ويظهر قصد التحذير لشيوع أن علم الله تعالى يكون كناية عن المجازاة وهو كما ترى فما أوتيتم من شيء أي شيء كان من أسباب الدنيا والظاهر أن الخطاب للناس مطلقا وقيل : للمشركين وما موصولة مبتد أو العائد محذوف أي أو تيتموه والخبر ما بعد ودخلت الفاء لتضمنها معنى الشرط وقال أبو حيان : هي شرطية مفعول ثان لأوتيتم و من شيء بيان لها وقوله تعالى : فمتاع الحياة الدنيا أي فهو متاعها تتمتعون به مدة حياتكم فيها جواب الشرط والأول وفق بقوله تعالى : وما عند الله من ثواب الآخرة خير ذات الخلوص نفعه وأبقى زمانا حيث لا يزول ولا يفنى لأن الظاهر أن ما فيه موصولة وإنما لم يؤت بالفاء في خبرها مع أن الموصول المبتدأ إذا وصل بالظرف يتضمن معنى الشرط أيضا لأن مسببة كون الشيء عند الله تعالى لخيريته أمر معلوم مقرر غني عن الدلالة عليه بحرف موضوع له بخلاف ما عند غيره سبحانه والتعبير عنه بأنه عند الله تعالى دون ما ادخر لذلك وقوله تعالى : للذين آمنوا إما متعلق بأبقى أو اللام لبيان من له هذه النعمة فهو خبر مبتدأ محذوف أي لذلك للذين آمنوا .
وعلى ربهم يتوكلون .
36 .
- لا على غيره تعالى أصلا وعن علي كرم الله تعالى وجهه اجتمع لأبي بكر رضي الله تعالى عنه مال فتصدق به كله في سبيل الله تعالى فلامه المسلمون وخطأه الكافرون فنزلت والموصول في قوله تعالى : والذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون .
37 .
- مع ما بعد إما عطف على الموصول الأول أو هو مدح مرفوع على الخبرية لمبتدأ محذوف أو منصوب بمقدر كأعني أو أمدح والواو اعتراضية كما ذكره الرضي وغفل أبو البقاء عن الواو فلم يذكر العطف وذكر بدله البدل وكبائر الأثم ما رتب عليه الوعيد أو ما يوجب الحد أو كلما نهى الله تعالى عنه والفواحش ما فحش وعظم قبحه منها وقيل : المراد بالكبائر ما يتعلق