في العفو ومحال عندهم أن يكون العفو هنا مقيدا بالتوبة فإنه يلزم تبعيضها أيضا وهي عندهم لا تتبعض كما نقل الأمام عن أبي هاشم وهو رأس الأعتزال والذي تولى كبره منهم فلا محل لها إلا الحق الذي لا مرية فيه وهو رد العفو إلى مشيئة الله تعالى غير موقوف على التوبة وأجيب عنهم بأن لهم أن يقولوا : المراد ويعفو عن كثير فلا يعاقب عليه في الدنيا بل يؤخر عقوبته في الآخرة لمن لم يتب وأنت تعلم ما دل خبر علي كرم الله تعالى وجهه .
وما أنتم بمعجزين في الأرض أي بجاعلين الله سبحانه وتعالى عاجزا أن يصيبكم بالمصائب بما كسبت أيديكم وإن هربتم في أقطار الأرض كل مهرب وقيل : المراد إنكم لا تعجزون من في الأرض من جنوده تعالى فكيف من في السماء وما لكم من دون الله من ولي من متول بالرحمة يرحمكم إذا أصابتكم المصائب وقيل يحميكم عنها ولا تصير .
31 .
- يدفعها عنكم والجملة كالتقرير لقوله تعالى : ويعفو عن كثير أي إن الله تعالى يعفو عن كثير من المصائب إذ لا قدرة لكم أن تعجزوه سبحانه فتفو ما قضى عليكم منه اولا لكم أيضا متول بالرحمة غيره D ليرحمكم إذا أصابتكم ولاناصر سواه لينصركم منها ولهذا جاء عن علي كرم الله تعالى وجهه أن هذه أرجى آية في القرآن للمؤمنين ويقوي أمر الرجاء على ما قيل : أن معنى ما أنتم الخ ما أنتم بمعجزين الله تعالى في دفع مصائبكم أي أنه سبحانه قادر على ذلك ومن آياته الجوار أي السفن الجواري أي الجارية فهي صفة لموصوف محذوف لقرينة قوله تعالى : في البحر وبذلك حسن الحذف وإلافهي صفةغير مختصة والقياس فيها أن لا يحذف الموصوف وتقوم مقامه وجوز أبو حيان أن يقال : إنها صفة غالبة كالأبطح وهي يجوز فيها أن تلي العوامل بغير ذكر الموصوف و في الحر متعلق بالجواري وقوله تعالى : كالأعلام .
32 .
- في موضع الحال .
وجوز أن يكون الأول أيضا كذلك والأعلام جمع علم وهو الجبل وأصله الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش وسمي الجبل علما لذلك ولا اختصاص له بالجبل اذ ليعليه النار للأهتداء أذا أريد ذلك قيد كما في قول الخنساء : وإن صخر التأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار وفيه مبالغة لطيفة وحكى أن النبيصص قال لما سمعه : قاتلها الله تعالى ما رضيت بتشبيه بالجبل حتى جعلت على رأسه نارا وقرأ نافع وأبو عمرو و الجواري بياء في الوصل دون الوقف .
وقرأابن كثير به افيهما والباقون بالحذف فيهما والأثبات على الأصل والحذف للتخفيف وعلى كل فالأعراب تقديري وسمع بعض العرب الأعراب على الراء إن يشأ يسكن الريح التي تجري بها ويعدم سبب تموجها وهو تكاثف الهواء الذي كان في المحل الذي جرت إليه وتراكم بعضه على بعض وسبب ذلك التكاثف إما انخفاض درجة حرارة الهواء فيقل تمدده ويتكلف ويتكاثف ويترك أكثر المحل الذي كان مشغولا به خليا وإما تجمع فجائي يحصل في الأبخرة المنتشرة في الهواء فيخلو محلها وهذا على ما قيل أقوى الأسباب فإذا وجد الهواء أمامه فراغا بسبب ذلك جرى بقوة ليشغله فتحدث الر وتستمر حتى تملأ المحل وما ذكر في سبب التموج هو الذي ذكره فلاسفة العصر وأماالمتقدمون فذكروا أشياء أخر ولعل هناك أسبابا غير ذلك كله لا يعلمها إلا الله D والقول بالأسباب تحريكا وإسكانا لا ينافي إسناد الحوادث إلى الفاعل المختار جل جلاله وعم نواله