قوله تعالى : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون .
وقال أبو البقاء : حذف الفاء من الجواب حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي ويعلم منه مزيد حسن حذفها هنا على جعل ما موصولة ويعفو عن كثير .
30 .
- أيمن الذنوب فلا يعاقب عليها بمصيبة عاجلا قيل وآجلا .
وجوز كون المراد بالكثير من الناس والظاهرالأول و الذي تشهد له الأخبار روي الترمذي عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفوا الله تعالى عنه أكثر وقرأ وما أصابكممن مصيبة .
وأخرج ابن المنذر وجماعة عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية وما أصابكم الخ قال E والذي نفسي بيده ما من خدش عود ولا اختلاف عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله D عنه أكثر وأخرج ابن سعد عن أبي مليكة أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضى عنهما كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفره الله تعالى أكثر ورؤي على كف شريح قرحة فقيل : بم هذا فقال : بما كسبت يدي وسئل عمران بن حصين عن مرضه فقال : إن أحبه إلى الله تعالى وهذا بما كسبت يدي والآية مخصوصة بأصحاب الذنوب من المسلمين وغيرهم فإن لا ذنب له كالأنبياء عليهم السلام قد تصيبهم مصائب ففي الحديث أشدالناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ويكون ذلك لرفع درجاتهم أو لحكم أخرى خفيت علينا وأما الأطفال والمجانين فقيل غير داخلين في الخطاب لأنه للمكلفين وبفرض دخولهم أخرجهم التخصيص بأصحاب اذ لأنه فما يصيبهم من المصائب فهو لحكم خفية وقيل : مصائب الطفل رفع درجته ودرجة أبويه أو من يشق عليه بحسن الصبر ثم أن المصائب قد تكون عقوبة على الذنب وجزاء بحيث لا يعاقب عليه يوم القيامة ويدل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده والحكيم الترمذي وجماعة عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدثنا بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وسأفسرها يا علي ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله تعالى أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله تعالى عن في الدنيا فالله سبحانه أكرم من أن يعود بعد عفوه وزعم بعضهم أنها لا تكون جزاء لأن الدنيا دار تكليف فلو حصل الجزاء فيها لكانت دار جزاء وتكليف معا وهو محال فما هي إلا امتحانات وخبر علي كرم الله وجهه يرده وكذا ما صح من أن الحدود أي غير حد قاطع الطريق مكفرات وأي محالية في كون الدنيا دار تكليف ويقع فيه البعض الأشخاص ما يكون جزاء له على ذنبه أي مكفرا له .
وعن الحسن تفسير المصيبة بالحد قال : المعنى ما أصابكم من حد من حدود الله تعالى فإنما هو بكسب أيديكم وارتكابكم ما يوجبه ويعفو الله تعالى عن كثير فيستره على العبد حتى لا يحد عليه وهو مما تأباه الأخبار ومع هذا ليس بشيء ولعله لم يصح عن الحسن .
وفي الأنتصاف إنهذه الآية تلبس عندها القدرية ولا يمكنهم ترويج حيلة في صرفها عن مقتضى نصها فإنهم حملوا قوله تعالى : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب وهو غير ممكن لهم هاهنا فإنهقد أثبت التبعيض