وزادوا التفضي منه بأي وجه أمكن إن كان الذنب لعبد فيه حق وذلك بالرد أو إلى وكيله أو الأستحلال منه إن كان حيا وبالرد إلى ورثته إن كان ميتا ووجدوا ثم القاضي لو كان أمينا وهو كالاكسير ومنرأى الأكسير فإن لم يقدر على شيء من ذلك يتصدق عنه وإلا يدع له ويستغفر .
وفي الكشف التفصي داخل في الرجوع إذ لا يصح الرجوع عنه وهو ملتبس به بعد واختير أن حقيقتها الرجوع وإنما الندم والعزم ليكون الرجوع إقلاعا ويتحقق أنه التوبة التي ندبنا إليها وهو موافق لما في الأحياء من أنها اسم لتلك الحالة بالحقيقة والباقي شروط التحقق ويشترط أيضا أن يكون الباعث على الرجوع مع الندم والعزم دينيا فلو رجع لمانع آخر من ضعف بدتن أو غرم لذلك لم يكن من التوبة في شيء وأشار الزمخشري إلى ذلك بكون الرجوع لأن المرجوع عنه قبيح وإخلال بالواجب وخرج عنه لو رجع طلبا للثناء أو رياء أو سمعة لأن قبح القبيح معناه كونه مقتضيا للعقاب آجلا وللذم عاجلا فلو رجع لما سبق لم يكن رجوعا لذلك .
وروي جابر أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال : اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له علي كرم الله تعالى وجهه : إن سرعة اللسان بالأستغفار توبة الكذابين وتوبتك تحتاج إلى التوبة فقال يا أمير المؤمنين : ما التوبة قال : اسم يقع على ستة معان على الماضي من الذنوب الندامة ولتضيع الفرائض الأعادة ورد المظالم وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته وهذا يحتمل أن تكون التوبة مجموع هذه الأمور فالمراد أكمل أفرادها ويحتمل أنها اسم لكل واحد منها والأول أظهر واختلف في التوبة عن بعض المعاصي مع الأصرار على البعض هل هي صحيحة أم لا والذي عليه الأصحاب أنها صحيحة لظواهر الآيات والأحاديث وصدق التعريف عليها وأكثر المعتزلة على أنها غير صحيحة قال أبو هاشم منهم : لو تاب عن القبيح لكونه قبيحا وجب أن يتوب عن كل القبائح وإن تاب عنه لا لمجرد قبحه بل لغرض آخر لم تصح توبته وتعقب بأنه يجوز أن يكون الباعث شدة القبح أو أمرا دينيا آخر وأيضا يجري نظير هذافي فعل الحسن بل يقال : لو فعل الحسن لكونه حسنا وجب عليه أن يفعل كل حسن وإن فعله لغرض آخر لم يقبل وفيه بحث .
واستدل المعتزلة بالآية على أنه يجب عليه تعالى قبول التوبة واستدل أهل السنة بها على عدم الوجوب لمكان التمدح بالواجب وفيه أيضا بحث والأنفع في هذاالمقام أدلة نفي الوجوب مطلقا عليه D .
ويعفوا عن السيئات صغائرها وكبائرها لمن يشاء من غير اشتراط شيء كالتوبة للكبائر واجتنابها للصغائر .
وقال الطيبي : المعنى من شأنه تعالى قبول التوبة عن عباده إذا تابوا والعفو عن سيآتهم بمحض رحمته أو بشفاعة شافع وقال المعتزلة : أي يعفو عن الكبائر إذا تيب عنها وعن الصغائر إذا اجتنبت الكبائر فالعفو عن السيئات عليه أعم من قبول التوبة لشموله الصغائر إذا اجتنبت الكبائر وهو تعميم بعد تخصيص والظاهر مع أهل السنة إذ لا دلالة في النظم الجليل على تخصيص السيئات نعم المراد بها غير الشرك بالأجماع .
ويعلم ما تفعلون .
25 .
- بتاء الخطاب عند حفص والأخوين وعلقمة وعبد الله وبياء الغيبة عند الجمهور وعلى الأول ففيه التفات وما موصولة والعائد محذوف أي يعلم الذي تفعلونه كائنا ما كان من خير وشر فيجازي بالثواب والعقاب أو يتجاوز سبحانه بالعفو حسبما تقتضيه مشيئته جل وعلا المبنية على الحكم والمصالح