في نظائر هذا التركيب أي فإن يشأ الله تعالى الختم على قلبك يختم وأيهام كون القرآن ناشئا منه صلى الله عليه وسلّم لا منزلا عليه E وقال السمرقندي : المعنى إن يشأ يختم على قلبك كما فعل بهم فهو تسلية له E وتذكير لأحسانه إليه وإكرامه له صلى الله تعالى عليه وسلم ليشكر ربه سبحانه ويترحم على من ختم على قلبه فاستحق غضب ربه ولو لا ذلك ما اجترأ على نسبته لما ذكر فالتفريع إلى المعنى المكني عنه وحاصله أنهم اجترؤا على هذا لأنهم مطبوعون على الضلال انتهى وفيه شمة مما ذكره الزمخشري .
وعن قتادة وجماعة يختم على قلبك ينسك القرآن والمراد على ما قال ابن عطية الرد مقالة الكفار وبيان بطلانها كأنه قيل : وكيف يصح أن تكون مفتريا وأنت من الله تعالى بمرأى ومسمع وهو سبحانه قادر ولو شار لختم على قلبك فلا تعقل ولا تنطق ولا يستمر افتراؤك وفيه أن اللفظ ضيق عن أداء هذا المعنى وذكرالقشيري أن المعنى فإن يشأ الله تعالى يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم ويعالجهم بالعذاب وعدل على الغيبة إلى الخطاب ومن الجمع إلى الإفراد وحاصله يختم على قلبك أيها القائل إنه E افترى على الله تعالى كذبا وفيه من البعد ما فيه مع أن الكفار مختوم على قلوبهم وقال مجاهد ومقاتل : المعنى فإن يشأ يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك قولهم إنك مفتر ولا مانع عليه من عطف يمح على جواب الشرط بل هو الظاهر فيكون سقوط الواو للجزوم و يحق حينئذ مستأنف أي وإن يشأ يمح باطلهم هاجلا لكنه سبحانه لم يفعل لحكمة أو مطلقا وقد فعل جل وعلا بالآخرة وأظهر دينه وقيل : لا مانع من العطف على بعض الأقوال السابقة أيضا أي إن يشأ يمح افتراءك لو افتريت وهو كما ترى وكذا جوز كون الجملة حالية وإن أحوج ذلك إلى تقدير المبتدأ وفيه تكلف مستغنى عنه وربما يقال : إن جملة فإن يشأ الله يختم منتتمة قولهم مفرعا على افترى كأنه قيل : افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبه بسبب افترائه فلا يعقل شيئا أو كأنه قيل : افتريت على الله فإن يشأ يختم على قلبك جزاء ذلك إلا أن نكتة اختيار الغيبة في إحدى الجملتين والخطاب في الأخرى على ظاهرة وكونها الأشارة إلى أن من افترى يحق أن يواجه بالجزاء ليس مما يهش له السامع فيما أرى ولعل الأولى أن يكون فإن يشأ الخ مفرعا على كلامهم خارجا مخرج التهكم بهم ولا بأس حينئذ بعطف يمح على جواب الشرط ويراد بالبطل ما هو باطل بزعمهم كأنه قيل : أم يقولون افترى على الله فأذن إن يشأ الله يختم على قلبك ويمح ما يزعمون أنه باطل وهذا تقول لمن أخبرك أن زيدا افترى عليك وأنت تعلم أنه يفتر وإنما أدى عنك ما أمرته به فأذن نؤدبه وننتقم منه ونمحو افتراءه تقصد بذلك التهكم بالقائل فهذه الآية كما قال الخفاجي من أصعب ما مر في كلامه تعالى العظيم وفقنا الله تعالى وإياكم لفهم معانيه والوقوف على سره وخافيه إنه عليم بذات الصدور .
24 .
- فيعلم سبحانه ما في صدرك وصدرهم فيجزي جل وعلا الأمر على حسب ذلك .
وهو الذي يقبل التوبة عن عباده بالتجاوز عما تابوا عنه والقبول يعدي بعن لتضمنه معنى الأبانة وبمن لتضمنه معنى الأخذ كما في قوله تعالى : وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم أي تؤخذ وقيل : القبول مضمن هنا معنى التجاوز والكلام على تقدير مضاف أي يقبل التوبة متجاوزا عن ذنوب عباده وهو تكلف .
والتوبة أن يرجع عن القبيح والأخلال بالواجب في الحال ويندم على ما مضى ويعزم على تركه في المستقبل