الفضل الكبير أو الثواب المفهوم من السياق هو الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي يبشر به فحذف الجار ثم العائد إلى الموصول كما هو عادتهم في التدريج في الحذف ولا مانع كما قال الشهاب من حذفهما دفعة وجوز كون ذلك إشارة إلى التبشير المفهوم من يبشر بعد والإشارة قد تكون لما يفهم بعد كما قرروه في قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا ونحوه والعائد إلى الموصول ضمير منصوب بيبشر على أنه مفعول مطلق لأنه ضمير المصدر أي ذلك التبشير يبشره الله عباده زعم أبو حيان أنه لا يظهر جعل الأشارة إلى التبشير لعدم لفظ البشرى ولاما يدل عليها وهو ناشيء عن الغفلة عما سمعت فلا حاجة في الجواب عنه أن كونما تقدم تبشيرالمؤمنين كاف في صحة ذلك ثم قال : ومن النحويين من جعل الذي مصدرية حكاه ابن مالك عن يونس وتأول عليه هذه الآية ألأ : تبشير الله تعالى عباده وليس بشيء لأنه إثبات للأشتراك بين مختلفي الحد بغير دليل وقد ثبت إسمية الذي فلا يعدل عن ذلك بشيء لا يقوم به دليل ولا شبهة .
وقرأ عبد الله بن يعمر وابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش وطلحة في رواية والكسائي وحمزة يبشر ثلاثيا ومجاهد وحميد بن قيس بضم الياء وتخفيف الشين من أبشر وهو معدي بالهمزة من بشر اللازم المكسور الشين وإما بشر بفتحها فمتعد وبشر بالتشديد للتكثير لا للتعدية لأن المعدي إلى واحد وهو مخفف لا يعدى بالتضعيف إليه فالتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية قل لا أسئلكم عليه أيعلى ما أتعاطاه لكم من التبليغ والبشارة وغيرهما أجرا أي نفعا ما ويختص في العرف بالمال إلا المودة أي إلا مودتكم إياي في القربى أي لقرابتي منكم ففي للسببية مثلها في إن امرأة دخلت النار في هرة فهي بمعنى اللام لتقارب السبب والعلة وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد وقتادة وجماعة والخطاب إما لقريش على ما قيل : أنهم جمعوا له ما لا وأرادوا أن يرشوه على أن يمسك عن سبب آلهتهم فلم يفعل ونزلت وله E في جميعهم قرابة أخرج أحمد والشيخان والترمذي وغيرهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى : إلا المودة في القربى فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فقال ابن عباس : عجلت أن النبي E لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة للأنصار بناء على ما قيل : أنهم أتوه بمال ليستعين به على ما ينوبه فنزلت فرده وله E قرابة منهم لأنهم أخواله فإن أم عبد المطلب وهي سلمى بنت زيد التجارية منهم وكذا أخوال آمنة أمه E كانوا على ما في بعض التواريخ من الأنصار أيضا أو لجميع العرب لقرابته E منهم جميعا في الجملة كيف لا وهم إما عدنانيون وقريش منهم وإما قحطانيون والأنصار منهم وقرابته E من كل قد علمت وذلك يستلزم قرابته من جميع العرب وقضاعة من قحطان لا قسم برأسه على ما عليه معظم النسابين والمعنى أن لم تعرفوا حقي لنبوتي وكوني رحمة عامة ونعمة تامة فلا أقل من مودتي لأجل حق القرابة وصلة الرحم التي تعتنون بحفظها ورعايتها .
وحاصله لا أطلب منكم إلا مودتي ورعاية حقوقي لقرابتي وذلك أمر لازم عليكم وروي نحو هذا في الصحيحين عن أبن عباس بل جاء ذلك عنه رضي عنه في روايات كثيرة وظاهرها أن الخطاب لقريش منها ما أخرجه سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل