والمبالغة في الكيفيةلأنه إذا دق جدا كان أخفى وأخفى وإرادة الجميع من إضافة العباد وهو جمع إلى ضميره تعالى فيفيد الشمول والأستغراق وبالعموم قال مقاتل إلا أنه قال : لطيف بالبر والفاجر حيث لم يقتلهم جوعا .
وقال أبو حيان : لطيف بعباده أي بر بعباده المؤمنين ومن سبق له الخلود في الجنة وما يرى من النعم علىالكافر فليس بلطف إنما هو إملاء إلا ما آل إلى رحمة ووفاة على الأسلام وحكى الطيبي هذا التخصيص عن الواحدي ومال إلى ترجيحه أنه ادعى أن لا لأضافة في عباده إضافة تشريف إذ أكثر استعمال التنزيل الجليل في مثل ذلك فيختص العباد بأوليائه تعالى المؤمنين وحمل اللطف على منح الهداية وتوفيق الطاعة وعلى الكمالات الأخروية والكرامات السنية وحمل الرزق في قوله تعالى : يرزق من يشاء عليه أيضا وقال : إن استعماله فيما ذكر كاستعماله في قوله تعالى : ليجزيهم الله أحسن ما عملوا أو يزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب .
وجعل قوله سبحانه : وهو القوي العزيز .
19 .
- مؤذنا بالتعليل كأنه قيل : إنما تلطف جل شأنه في حق عباده المؤمنين دون من غضب عليهم بمحض مشيئته سبحانه لأنه تعالى قوي قادر على أني ختص برحمته وكرامتهمن يشاءمن عباده عزيز غالب لا يمنعه سبحانه عما يريده أحد وادعى أنه يكون وزان الآية على هذا معقوله تعالى : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه الآية وزان قوله D : ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها وينتظم الكلام أتم انتظام وتلتئم أطرافه أشد التآم ولايقال حينئذ : إن قوله تعالى : يرزق من يشاء حكم مترتب على السابق فكان ينبغي أن يعم عمومه والعموم أظهر وحديث التخصيص في يرزق من يشاء فقد أجاب عنه صاحب التقريب فقال إنما خص الرزق بمن يشاء مع أنهم كلهم بر سبحانه بهم لأنه تعالى قد يخص أحدا بنعمته وغيره بأخرى فالعموم لجنس البر والخصوص لنوعه وأشار جار الله إلى أنه لاتخصيص بالحقيقة فإن المعنى الله تعالى بليغ البر بجميع عباده يرزق من يشاء ما يشاء سبحانه منه فيرزق من يشاء لتوزيعه على جميعهم فليس الرزق إلاالنصيب الخاص لكل واحد ولما شمل الدارين لاءم قوله تعالى : من كان يريد الخ كل الملاءمة ولا يتوقف هذا على ما قاله الطيبي ولعل أمر التذييل بالأسمين الجليلين على القول بالعموم أظهر والتعليل أنسب فكأنه قيل : لطيف بعباده عام الأحسان بهم لأنه تعالى القوي الباهرالقدرة الذي غلب وغلبت قدرته سبحانه جميع القدر يرزق من يشاء لأنه العزيز الذي لا يغلب على ما يريد فكل من الأسمين الجليلين ناظر إلى حكم فافهم وقل رب زدني علما .
فكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي والحرث في الأصل إلقاء الذبر في الأرض يطلق على الزرع الحاصل منه ويستعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها بطريق الأستعارة المبنية على تشبيهها بالعلا لا لحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور أي من كان يريد بأعماله ثواب نضاعف له ثوابه بالواحد عشرة إلى سبعمائة فما فوقها ومن كان يريد بأعماله حرث الدنيا وهو متاعها وطيباتها نؤته منها أي شيئا منها حسبما قدرناه له بطلبه وإرادته وما له في الآخرة من نصيب .
20 .
- إذ كانت همته مقصورة على الدنيا وقرأ ابن مقسم والزعفراني ومحبوب